الأشياء الكبيرة مصنوعة من أشياء صغيرة، وكذلك الأحداث والتغييرات الكبيرة ناتجه عن مواقف صغيرة،
وقد تكون عرضية، وربما كلمة طيبة تغير حال بعضهم،
وربما فعل إيجابي يغير مسار حياة البعض إلى الطريق السليم.
وهنا دعني أروي لك قصة الطالب المشاغب صاحب الملف الأسود!
ملفه متخم بالملاحظات ضرب ومشاجرات، تغيب، إهمال، تعدًّ على معلم،
سلوك غير أخلاقي، والكثير مما يجعلك تقول هذا الاعوجاج تصعب استقامته،
ولكن شاء القدر أن يقف معلم تربوي في طريق هذا الطالب ويفتش في كواليس
الملف الأسود ليعرف أسراره، ويتضح له أن هذا الصغير ضحية تفكك أسري
وعنف وضمور اقتصادي.
كان الطالب يعبر عن الضغوطات التي يعيشها محاولًا الهرب من واقعه بالتمرد والمشاكسة.
عرف هذا التربوي ماسبب هذا الغليان ليحدث التغير الذي قال الكثير عنه إنه فاشل ومستقبله مجهول،
وربما يكون من مرتادي السجون، إلا أنه بإصرار هذا التربوي تغيرت المعادلة، وخابت توقعات الأخرين.
قال إنه يحتاج لمعرفة الأسباب، ثم الاحتواء، وبعدها التوجيه. ولا يكون علاج الأمر بالتصادم ولا بأمر تسلطي.
الطالب الذي كان ضحية أب متعاطي يلاقيه بالضرب والتعنيف، هذا الطالب الذي بات في سكن المسجد
بعد أن طرده الأب المدمن هو وأمه من المنزل، هذا الطالب الذي كان يبيت في مصارعة الجوع.
الطالب الذي وجد نفسه مسؤول عن أسرة وهو لاحول له ولا قوة.
كل هذه التفاصيل كانت شرارة الانفجار، كان بتصرفاته ينادي أنا هنا من يراني؟ من يمد يده ليساعدني قبل أن أغرق في الظلام؟
وأخيرًا سمع أحدهم هذا النداء، هو هذا التربوي الذي مد يد العون له ولأسرته،
فجعله الطالب السوي الناجح ليعيد ذاكرته ويقول:
لقد نجحنا أنا وخالد وعبرنا الطريق، والأن دعني أزف لك الخبر السعيد، خالد الآن موظف مجتهد مستقر
وأسرته وجدت مسكن يليق بها.
من هنا لا بد أن نبحث عن التفاصيل قبل إصدار الحكم المسبق، ولا بد أن نجد الحلول قبل أن نصنع العقبات، فخلف كل حدث كبير تفاصيل صغيرة.
إن أعظم قدراتنا كبشر ليست في تغيير العالم بل في تغيير أنفسنا.- غاندي
ستتعلم الكثير من دروس الحياة، إذا اخترت الطريقة الصحيحة لنجاة، ولن تطفىء النار بالنار.