23 ديسمبر، 2024 4:10 ص

في المكتبة العلمية في كربلاء كان لي نقاش مع شخص يؤمن بالحداثة وبدا ينظّر وفق الاسلوب الذي يتبعه دعاة الحداثة وانا استمع اليه ولان تنظّيره مشتت فلم اتفاعل معه وكما يقال لا يوجد ( راس خيط ) حتى ارد عليه ، ولكنه ختم حديثه منتقدا اصحاب الشعائر الحسينية بعبارة ( يا عباس جيب الماي لسكينة ) ذكرها باستهزاء مع هز اليد ، هنا قلت له قف ودعني ارد عليك ولم افهم مما قلت ولكن كلامك باستهزاء عن هذه العبارة لا تليق بالثقافة التي تدعيها ، هذه الثقافة ثقافة عباس وسكينة مهما تكن فطبقا لمفاهيمكم احترام حرية الناس لايحق لك نقدها، ولكن اسالك ماذا تعني ملايين الدولارات تصرف على معزوفة بيتهوفن ، وماذا تعني المزادات المليونية على لوحات بيكاسو ودافنشي ؟ من هو المستفيد منها وماذا توحي وكم فقير سياكل طعام ؟ ولكن هل من حقي ان انتقدهم ؟ كلا ولكن النقد يكون لمن يعظمهم ويتجنب انتقادهم ليلتفت الى اناس بسطاء يقولون عباس وسكينة ، وهنا اود ان افيدك ان عباس وسكينة يصرف من اجلهما الملايين حتى يطعمون الكل الفقراء والاغنياء ، فقل لي لوحة بيكاسو كم فقير اشبعت ؟.

تذكر جيدا غضب بيكاسو عندما عاد الى شقته ووجدها قد سرقت فغضب وقيل له لا تغضب على ما سرق فقال انا لم اغضب على ما سرق بل لماذا لم يسرق احدى لوحاتي التي هي اثمن مما سرق ؟ هنا لا يعلم ان لوحاته لا تشبع جائع ولكنه تشبع غريزة المترفين وممن يعيشون في عالم الخيال ، ولهم الحق فيما يريدون ولكن ليس لهم الحق في انتقاد ثقافة الاخرين .

لو كانت قصيدة تغنى او شعر يطرب لما انتقدته ولكنك تنتقد شعر شعبي له تراثه وبعيدا عن مدى صحته الا انه يحرك مشاعر من يؤمن بها ، وانتقادكم هذا لم يكن المقصود الذين يقولون عباس وسكينة بل المقصود تراث عباس وسكينة .

لم يرد علي بكلمة واحدة وهذا امر طبيعي فدائما هنالك من يدعي شيء وهو يعمل بخلافه يرضاه لنفسه ويرفضه لغيره ، هذه المهازل التي يقال عنها الحداثة والتنوير والعلمانية وحرية الانسان تطبق وفق ابجديات خاصة وليست هي حقوق من غير ثمن ، وامامكم هذه الدول صاحبة شعار حقوق الانسان والديمقراطية تساند دولا عربية حكامها يضطهدون شعوبهم وتسلطوا عليهم بمؤامرات وانقلابات بل لا يؤمنون بمبادئ العلمانية التي تنادي بها تلك الحكومات التي تؤازر العمالة العربية في اضطهاد شعوبها .

شعائر حسينية (بالعموم مع الاعتراف بان فيها الدخيل) تقام سنويا لاحياء ذكرى عظيمة تصرف الاموال اطعام وعلاج واسكان لمن يحييها ، بينما تصرف في الدول العلمانية المليارات من اجل فلم أفاتار وتايتنك وحرب النجوم القوة تنهض، العالم الجوراسي وغيرها من الافلام التي رصد لها مليارات الدولارات من اجل ماذا ؟ وجياع افريقيا لا يحصلون على عبوة ماء، واما الافلام التي صرفت عليها الملايين ولم تربح مثلا رحلة عودة الملك اليتيم الى عرشه وغيرها الكثير من الافلام التافهة اي ان ماصرف عليها لم يحقق اي ربح ، والربح هو اموال المشاهدين المغفلين .

وصرف المليارات على بطولة كاس العالم على الابواب .

ان كان دفاعكم بحجة الترفيه وهو التبذير واستهداف المنظومة الخلقية بعينها فلكم هذا ولكن لا ترموا بانتكاساتكم الاخلاقية على غيركم وتنتقدون ما يعتقده غيركم من شعائر تعبر عن ايمان مطلق بقضية تاريخية نتائجها ثقافة واشباع جائع .