23 ديسمبر، 2024 4:55 ص

غضب الشعب و تحدي العبادي

غضب الشعب و تحدي العبادي

من المؤكد ان الشعب يتحمل جزءا كبيرا مما يحدث فهو من اوصل السياسيين الى مناصبهم مع علمه بفسادهم و عدم قدرتهم على تقديم شيئا متأثرا بجملة عوامل علِم مؤخرا انها كانت خدعة لاغراض سياسية و انتخابية و هو ما يفسر خروجه هذه الايام لاسقاطهم متخذا مبدأ الشعب مصدر السلطات اساسا لثورته إلا ان ذلك لا ينفي عنه جريمته بحق نفسه طيلة الاعوام الماضية فالعراقيين لم يعرفوا قيمة اصواتهم و اهميتها في بناء دولة حقيقية كالتي يهاجرون اليها بحثا عن الامان و العمل و الاهم من ذلك كله الانسانية التي لم يجدوها في سياسي العراق الحديث.

عندما خرج الشعب مطالبا بالاصلاح اجابهم العبادي فورا بفتح اسوار المنطقة الخضراء و لم يكتفي باصدار القرار بل خرج بنفسه لفتح اسوارها امام الشعب معتقدا او هكذا صوَر له مستشاريه ان هذه الخطوة انجازا عظيما يضاف الى سيرته السياسية على الرغم من ان الشعب قابلها بأستهزاء و سخرية فالعبادي لم يكن يعلم انها خطوة استفزازية و زادت من الغضب الشعبي و هو امرا طبيعي فما الذي يشعر به المواطن الفقير عندما يرى القصور التي يسكنها السياسيين سوى الحقد و الكراهية و هو بلا سكن و في احسن الاحوال يسكن بالايجار في بلدا خيراته لا تعد و لا تحصى .

و مرة اخرى طالب الشعب بألغاء امتيازات و مخصصات الرئاسات الثلاث و التي يعد العبادي الذي يقود مسيرة الاصلاح ابرزها اضافة الى الوزراء و النواب فكان جواب العبادي اسرع مما توقعه الشعب فأمر على الفور بخفض رواتب الموظفين البسطاء تحت حجة توفير الاموال لسد عجز الميزانية و هو في الواقع قرارا سليم  سيعود بألاموال الى خزينة الدولة لكن يبقى السؤال الاهم هو ما حجم الاموال التي ستعود الى خزينة الدولة فيما لو قرر العبادي خفض الرواتب و الامتيازات التي يتمتع بها مسؤولي الدولة و من بينهم العبادي نفسه ؟ و هل يعلم العبادي ان الموظف و عائلته قد اعتادوا على مستوى معين للعيش و لا يمكنهم تغييره ؟ ام انه يعلم فقط ان المسؤولين و عوائلهم قد اعتادوا على مستوى معيشي لا يمكن ان يتخلوا عنه بسهوله ؟! (و هو ما صرح به العبادي نفسه امام وسائل الاعلام في احدى خطاباته)

يبدو ان العبادي لم يفشل فقط في عملية الاصلاح بل فشل ايضا في قراءة الوضع المزري الذي يعيشه الشعب العراقي و الذي دفعه الى الخروج في تظاهراته و التي ستسمر حتى تحقق مطالبه خصوصا و ان المرجعية مستمرة في دعمها للشعب و تأكد على ضرورة مكافحة الفساد و الفاسدين بل اصبحت (المرجعية) تشخص مواقع الخلل في مؤسسات الدولة و هو ما يزيد العراقيين قوة و اصرار و الحكومة و الاحزاب حرجا و حيرة خصوصا و ان اغلب الاحزاب تدعي قربها للمرجعية و على اية حال فأن حكومة العبادي تتحدى و بشكلا مستفز مطالب الشعب بل تجبره على تصعيد مواقفه و قرار الحكومة الاخير بخفض رواتب الموظفين سيكون سببا في زيادة غضب الشعب الغاضب اصلا من الفساد فالجماهير التي ستخرج هي اما شاب لا وظيفة لديه او موظف امضى حياته في خدمة العراق ليكافئ بخفض راتبه مع بقاء اصحاب المناصب محتفظين بمخصصاتهم و امتيازاتهم و هم لم يقدموا شيئا يذكر.