لايمكن اتهام مُفوّضيّة الاتحاد الأوروبيّ ، التي أدرجت العراق ضمن قائمة الدول عالية المخاطر بشأن غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بانها مفوضية طائفية سنيّة أو شيعية ، ولايمكن اتهامها بخضوعها لاجندات خارجية اميركية أو ايرانية ، ولا هي من جماعة الطرف الثالث وليس لها مكاتب اقتصادية تموّل استثماراتها .
بكل بساطة ووضوح وشفافية ، هذه المفوضية قالت الحقيقة ، بل واقل منها بكثير، وهي لاتغقو ثم تصحو لتصدر بياناتها وتقييماتها حول مختلف القضايا ، مفوضية تعمل على اساس الارقام والوثائق والشواهد والمستمسكات ..
وها هي اليوم تضيف الى كل خرابنا خرابا جديدا انتجته سلطة الاحزاب الفاسدة المتنفذة الورعة ، خراب نعرفه بالتلمس اليومي والمعاناة بسبب اهدار الاموال والفساد واللصوصية العلنية منها والمكشوفة .
نعرفه بالتلمس ، لكن المفوضية الاوربية قالت لنا ، تلمسكم ومعاناتكم ، في ادراجنا بوثائقها ودلالاتها وارقامها ونتائجها على حياتكم التفصيلية اليومية !
وكيف لانعرف دولارات البنك المركزي وهي تهرب بفواتير استيراد الدعبل واسعار استيراد البضائع بقوائم تقدم باضعاف سعرها بالأسواق العالمية !
جاء في تحقيق استقصائي عن غسيل الاموال في العراق ، ان فواتيرا قدمت للبنك المركزي باستيراد غسالة ملابس كهربائية بسعر 300 دولار للقطعة الواحدة ثم تبين ان سعرها في السوق العالمي بأفضل حالاته 90 دولاراً ..يعني الفرق تم تهريبه رسميا وعلى عينك ياتاجر !
أصحاب النفوذ وحدهم من يستطيع القيام بالتهريب عن طريق غسيل الاموال ،لكن من هم أصحاب النفوذ ؟
ليس انا ولا انت عزيزي القارىء ، انهم من تشاهدهم يوميا على شاشات الفضائيات وهم يستعرضون عضلاتهم بمحاربة الفساد والمفسدين من اجل العراق العظيم !
هم انفسهم من يأتوا اليك بالبطانيات من اجل ان تنتخبهم الى اماكن النفوذ ، حيث تنفتح أمامهم ابواب الغسيل على مصاريعها على اياديهم الطاهرة الكريمة والبيضاء معاً ، ليقولوا لنا ” هذا من فضل ربي ” !
مفوضية الاتحاد الاوربي قالت مانعرفه نحن ولكن دون وثائق فالغسيل يتم تحت الغطاء القانوني تارة واخرى في دهاليز التغسيل السرّية التي لانعرفها !
الأكثر دراماتيكية من هذا الواقع هو احتجاج الحكومة العراقية على التقرير ، وكأنها تخدع نفسها بانها تستطيع خداع الآخرين في مواجهة الحقائق الدامغة على جباههم !
وهي نفس احتجاجاتها على التقارير الدولية بشأن واقع حقوق الانسان في البلاد !
ونفس احتجاجاتها على التقارير الدولية بشأن تصنيفات العراق على لوائح الدول الاكثر فساداً في العالم !
وهي نفس احتجاجاتها على مطالب الدول المتحضرة بتقديم قتلة المتظاهرين الى المحاكم العادلة !
وحسب الاحتجاج الحكومي فان العراق من افضل الدول في مجال انتهاجه معايير محاربة غسيل الاموال التي تدعم الارهاب في محصلتها النهائية ، كان الاجدى بها ان ترسل وفدا الى المفوضية الاوربية تطالبها بالوثائق والمستندات كي تستطيع مكافحة هذه الآفة التي انتجها المتنفذون واصحاب القرار !
المخزي في حكومات العراق الجديد انها لم تترك قائمة تقييم دولية الا واحتلت فيها المرتبة الاخيرة ، وبعض القوائم خرج العراق حتى من التصنيف الدولي فيها كالجامعات والتربية وحقوق الانسان بطبيعة الحال !