23 ديسمبر، 2024 2:56 م

يتناهى إلى مسامع العراقيين عبارة جديدة لم يألفها قبل احتلال بغداد ، وهي ظاهرة غسيل الأموال ، ولمن لا يعرف كيف تغسل الأموال وهل هي تغسل فعلا ، أم أنه تعبير مجازي ، نقول : إن غسيل الأموال هو نشاط إجرامي لجمع مال بطرق غير مشروعة، وخوفا من المساءلة عن مصدر الأموال كان لابد من إضفاء مشروعية على هذا المال حتى يسهل التعامل معه من دون إضفاء الشكوك والأدلة القانونية على الأعمال الجرمية السابقة ويتم ذلك عبر إعادة تدوير الأموال الناتجة عن الأعمال غير المشروعة في مجالات وقنوات استثمار شرعية –وهذا يحدث في العراق اليوم- لإخفاء المصدر الحقيقي لهذه الأموال ولتبدو كما لو كانت قد تولدت من مصدر مشروع ومن أمثلة هذه الأعمال غير المشروعة (الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات – الرقيق – – الأسلحة).
 ومن أبرز الآثار المترتبة على هذه الظاهرة ،اقتصادياً، واجتماعياً وسياسياً استقطاع الدخل القومي واستنزاف الاقتصادي الوطني لصالح الاقتصاديات الخارجية مثل إيران التي يساعدها العراق حاليا في الخروج من أزمتها عن طريق غسل أموالها داخل أراضيه باعتراف قاسم سليماني الذي أكد إن هذه الأموال تصرف للعناصر الإيرانية العاملة في العراق والميليشيات التي تأتمر بها – وزيادة السيولة المحلية بشكل لا يناسب الزيادة في إنتاج السلع والخدمات الذي يؤدي إلى كثرة الطلب ، وبالتالي إلى التضخم وغلاء الأسعار ، كما وتستخدم هذه الأموال في شراء ذمم رجال الشرطة والقضاء والسياسيين مما يؤدي إلى ضعف كيان الدولة واستشراء خطر جماعات الإجرام المنظم -وهذا أيضا حاصل الآن في بلدنا ولا يحتاج إلى إثبات-.
في العراق لا يغسل الدينار أو الدولار الأمريكي أو التومان الإيراني على الحبل لإزالة رائحة المخدرات –كما كان يحدث في بداية غسيل الأموال- وإنما تضخ هذه الأموال في المصارف الأهلية وخاصة الإيرانية العاملة في العراق أو المصارف العراقية التي لها علاقات مع إيران.
أما تبييض الأموال والذي يلتقي مع غسيل الأموال في دلالة مفهومهما فيعني استخدام حيل ووسائل وأساليب للتصرف في أموال مكتسبة بطرق غير مشروعة، وغير قانونية، لإضفاء الشرعية والقانونية عليها، وهذا يشمل الأموال المكتسبة من الرشا والاختلاس والغش التجاري وتزوير النقود، ومكافآت أنشطة الجاسوسية ، وهذا ما نعانيه اليوم ، فالأموال لدينا تبيض ولا تغسل.
إن تبييض الأموال في العراق وهو الأصح من الغسيل يتم ليس بيد كارتلات المخدرات أو مروجيها ولا بيد تجار الرقيق او مافيات الملاهي وحسب وإنما بيد مؤسسات حكومية تقدم التسهيلات للعملات الوافدة وخاصة التومان وغض النظر عن ما تفعله المصارف من تهريب للعملة الصعبة وشراء للتومان ودمج الأرصدة في عمليات البناء والإعمار وقرنصة الشوارع!.