23 ديسمبر، 2024 2:02 ص

داعش ظاهرة ذكية للبعث @ نضال حمادة
راودني شعور عميق تشبع بالريبة تجاه ما حدث للموصل في عام ٢٠١٤ ، وحينها سقطت المحافظة بيد تنظيم جهادي إسلامي هو تنظيم الدولة ، أو الدولة الإسلامية في العراق والشام ، وظهور خليفة للتنظيم يُدعى أبو بكر البغدادي ؛ لتسويق واحدة من شروط أخذ البيعة للخلافة الاسلامية مع أن أيمن الظواهري تحدى الخليفة وتنظيمه غمزاً بشروط البيعة (( ورغم تكرار نقدنا لهم ، فلم يذكروا من هم هؤلاء القلة المجاهيل ، الذين زعم ابراهيم البدري إنه صار خليفة ببيعتهم له ، وها نحن اليوم نطالبهم ونطالب ابراهيم البدري بأن يذكر لنا اسماء وتاريخ وصفات من عقدوا له البيعة المزعومة ، وبالخصوص من كان منهم بجيش صدام ، وبالأخص من كان منهم بإستخبارات صدام @ ايمن الظواهري .. مقطع فيديو على اليوتيوب )) .. البيعة : (( هي المعاهدة والانعقاد ، واصطلاحاً اختيار أهل الحلّ والعقد رجلاً ، يتولى أمر الأمّة لجلب المنافع الدّينية والدّنيوية ، ودفع المضار عنها، ولا تكون البيعة إلا لوليّ أمر المسلمين ، يبايعه العلماء والفضلاء ، وكذلك الوجهاء من النّاس @ اقتباس )) !!!!! ..
الشعور بالريبة الذي راودني حديث عهدٍ ، ورغم أنني تناسيت الموضوع إلا أن نقاش هادف مع أحد اليساريين أرجع الفكرة لذهني ومعها قوة تضغط لتجرني للبحث في الشعور المريب بالإضافةلما تخطّف لناظري من ومضات جعلتني أشك بأن غزوة الموصل لم تكن وقفاً للتنظيم نقية عما سواه ، فالريبة توميء بأن هناك تداخل في النقاء ، وأن التداخل لربما يرتقي نظرياً لبلورة فكرة تحط من دور التنظيم في اسقاط الموصل أو تخفظ منه لصالح فاعل مستتر خلف تيار إسلامي كان منذ عقود يعمل في رأس المد القومي ، والبعثي خاصةً ، تزعمه النقشبندي والبعثي عزت إبراهيم الدوري .
إن ثبتت الغزوة للدوري فهي تذكرني بمصطلح استخدمه صدام حسين في عقد التسعينات اثناء زيارة لأحدى المناطق ، وهو ( عريضة بدون طابع ) ، ولعمري أن اسقاط الموصل ما هو إلا إنقلاب على شاكلة ( عريضة بدون طابع ) فغنيمته الكاملة تكون للبعث وسوف تُسمى ثورة بطريقة الإنقلابات العسكرية ، والشاهد : ((حيا الله بعض مجاميع أنصار السنة وفي طليعة هؤلاء جميعا أبطال وفرسان القاعدة والدولة الإسلامية، فلهم منا تحية خاصة ملؤها الاعتزاز والتقدير والمحبة، تحية طيبة لقياداتهم التي أصدرت العفو العام عن كل من زلت قدمه وخان نفسه والله ووطنه ثم تاب إلى الله @ بيان للدوري)) . والخسارة يتحملها عنوان آخر ( تنظيم الدولة ) وينفض البعث يده منها وتُدعى غزوة جهادية وليست إنقلاب ثوري ، والشاهد (( بالتزامن مع تحرير الموصل .. عزة الدوري يتبرأ من داعش: التنظيم قام بتصفية قيادات حزبنا )) .. وأرجع وأذكر بالعبارة التي افتتحت بها المقال (( داعش ظاهرة ذكية للبعث @ نضال حمادة )) .
في قراءة موضوعية يحق لنا ( أن ثبُتت نظرية الانقلاب ) إعتبار فتوى السيد السيستاني ومن استجاب لها من حشد لمواجهة البعث الحاكم في الموصل كفتوى السيد الخميني ومن استجاب لها من حشد لمواجهة البعث الحاكم في بغداد ، وبالتالي فنحن نتقهقر مرة أخرى الى عمق التأريخ الغابر وعقدة المواجهة بين الإيمان والكفر ، بين الحسين ويزيد ، بين علي ومعاوية ، والخلاصة أن ولاية الفقيه السيستانية بدأت كشاكلتها الخمينية بفتوى جهاد ضد البعث ( الكافر ) ولا ريب أن الخليفة الذي أعتلى منبر المسجد في الموصل يرتدي لبوس الخليفة العباسي ويُكنى بالبغدادي ، وهذا ما ينم عن إعادة تدوير لمقاطع من التأريخ القريب والبعيد ..
لا يمكن أن ننكر تعارض الإيديولوجيا البعثية مع الداعشية ، وأن الأولى علمانية صلبة قومية ، وأن الثانية دينية صلبة عالمية ، ولكن أرجع وأشير الى خط الدوري ، فعزت ابراهيم الدوري فعل فعلة صدام في توجيه مسار حزب البعث ، فحصر صدام الحزب في حيز قطري عسكري ، وتحول الحزب الى التدين على يد الدوري ، ولا عجب ، فالدوري راعي الخط المتدين من قبل سقوط النظام عام ٢٠٠٣ وهناك مقطع فيديو على اليوتيوب ينقل اجتماع قمة للحزب يُظهر ملامح أزمة شقاق بين تيارين في داخل حزب البعث العراقي أحدهما يحضى بتأييد من صدام حسين وقد قلل من شأن التدين لصالح التمسك بمباديء الحزب وأهدافه وإيمانه ! ، بينما أمتعض عزة ابراهيم الدوري من البعثي ( جعفر قاسم حمودي ) الذي قال مدافعاً عن موقفه إنه لم يدخل ولا تكية واحدة بحياته ورد عليه الدوري أن ( صلاتك تعب لو ما تصلي أحسن ) …
(( ابطال ، وفرسان ، القاعدة والدولة الإسلامية فلهم مني تحية خاصة ملؤها الإعتزاز والتقدير والمحبة @ عزت ابراهيم الدوري .. من خطاب لعزت ابراهيم الدوري )) !!!!! ..
إن لم يكن ما حصل في الموصل عام ٢٠١٤ انقلاباً ، فقسم منه انقلاب ، وهو انقلاب بالثلث ، استولى على ثلث مساحة العراق ، وربما كان مشاركة بالثلث ، وثلثين للتنظيم ، ولا عجب ؛ فالبعثيون قد شاركوا من قبل في انقلاب عبد الكريم قاسم ومن ثم في انقلاب عبد السلام عارف ليعبروا من خلال الانقلابين الى السلطة ..
أضعف الإحتمالات تقول أن ضمن ما جرى في الموصل إنقلاب ، ولكن الجهادية النقشبندية لا تلتأم مع السلفية الجهادية ، ولا أعتقد إنها تلتأم مع شق حزب البعث العلماني ، ولهذا هي مضطرة للعب على عدة حبال للوصول للغرض ، وأعتقد أن الجناح المتدين في حزب البعث برئاسة الدوري كانت من أول عهد وصول البعث للسلطة تلعب هذه اللعبة الحرجة ، وهي أجادت وتُجيد اللعب من أول الشوط والى الآن ، وقد سخرت صدام حسين وسذاجته ، وسخرت داعش واندفاعها ، وستسخر أزمة الحكم الحالي شرط أن يدخل أكثر من طرف غربي في إدارة أتون العراق ..
ما حصل في الموصل إنقلاب ، أو أن لحزب البعث يد إنقلابية فيه ، وليس مستبعداً أن تكون هزيمة داعش بفعل انقلاب بعثي فأنسحب القادة من التنظيم بأوامر من القيادة العامة للحزب ليُترك التنظيم في أزمة الإفتقار لقيادات متخصصة ، وهذا انقلاب بالمعنى الديني ( ومن ينقلب على عقبيه ) وهو بمعناه الديني وفق وجهة نظر التنظيم بينما من وجه نظر حزب البعث وقيادته هو مكر الله ..