23 ديسمبر، 2024 12:06 م

غريبة الروح .. يا عمرا على الفرات قد انقضى

غريبة الروح .. يا عمرا على الفرات قد انقضى

عهد جديد بدا يتوغل الى العراق ويسير في مفاصل جسده الذي تعود على نمط واحد كل هذه الآلاف من السنين والذي فيه وعلى اساسه بدأت الحضارة تنتعش على ارضه والإنسان خلق على هذه الارض وهو ملازم لذالك النمط الوحدوي وربما بسبب تلك المتلازمة مع اهل العراق ولدوا العراقيون انذاك اذكياء وبناة حضارة وأعطوا الدرس للخلق وتمعن بالنجوم ورسم الخريطة ومسالك ذالك الكون انه عهد وادي الرافدين عهد مسار الانهار وجريانها بقرب الانسان والتمسك ببقاءها لوجود اعظم نهرين اغدق الله على تلك الامة خيره لتعيش ويعيش اهل العراق عليها فلا عجب اذن من ان يولد الانسان
وهو ذكيا وعارفا ومتمرسا بالاشياء لوجود الماء بقربه وبغزارة لينهل منه كل شيء ويبني له شخصية تتميز بكونه ناشرة للخير وتحب للغير ماتحب للذات…
اليوم لعل عهد جديد بدأ يتغلغل ويتوغل على اهل العراق انه عهد مفارقة التغني بالماء وقلته وشحته والحاجة له او البحث عنه او الهجرة وراءه ليعيش انسان الغد مهاجرا اليوم وباحثا عن ارث الاجداد الذي اودعوه في خزائن الحضارات التي تراكمت على تلك الارض فاصبح البحث في رفاة العراقي على مديات الوجود في تلك الارض الطيبة لكل حقبة عمق معين تجد بجانبها نهر من الماء قد سقى تلك الفترة السحيقة في قدمها (يادجلة الخير يام البساتين) او (ياعمرا على الفرات قد انقضى )(او مسعدة وكاعدة على الشط)..نعم اليوم العراقيون يعيشون حالة من الخوف والقلق غريبة عليهم
وجديدة وهم اللذي يعرفهم يتعجب لهذه الهيجان النفسي لقضية اقل ما تأثر على نفسية شخص عادي لم تأخذ منه اعتى القضايا تاثيره على تصرفاته انها قضية الماء الراحل فالعراقيون كل يوم في قلق ومشكلة ومن تساله يجيبك هكذا اراد الله لنا ان نعيش قلقين خائفين يعترينا ويسكن معنا الرعب خاصة ونحن عشنا كل الحياة في هذا الخوف والقلق والترقب لكن انا اليوم والعراقي يقول لم اعيش مثل هذه الحالة انه الماء الذي يخيفني ابتعاده عني وعيوني لم تألف بعد ان ارى الانهار قد فارقها الماء او الحيوانات تحفر بارجلها للبحث عن الحياة او النبات اراه يذبل بعد يوميين من
اخر سقية له لأني لا استطيع ان اجلب له الماء او السماء لم تجد لي بالامطار نعم كل هذا يخيف العراقي وخوفه هذا المرة ليس كما كان خائفا عندما احتل بلاده او تكالبت على خيراته القوى لتتمتع بخيره انها سوداوية الماء فليس غريبا ان يستيقظ ابي يوميا مرعوبا لأن النهر الصغير الذي يمر بأرضه لا ماء فيه او جار لنا يبكي بصمت على ذكريات كان الماء قد بنى له فيها عشقا اوحبا …
القدر ليكن او السماء لتكن او السياسة لتكن او او حبس الخيرات بدعوى ان الاولياء قد دعوا علينا ليكن لكن الذي لايمكن ان يكون هو ان الماء قد ذهب من العراق والسبب هذه المرة ليس تلك المسميات التي اطلقناها ولا يد لنا بها …
انها الدول التي تأتي منها انهار العراق والتي تعيش على الجانب الاخر من الحدود اليوم وبعد كل هذه السنين تذكرت تلك الدول ان الانهار ضرورية لديمومة الحياة على اراضيها ولسكانها بعد ان كانت بالامس تلك الدول تترك الانهار لشأنها والعراقي هو اللذي يتحمل كل خيرها وشرها عندما كانت تغضب يضحك العراقيون لغضبها اناها بنات العراق وعندما كانت تسكن يسكن معها العراق وقبل العراقيون ان تسمى تلك الانهار بأسماءهم واصبحوا وادي الرافدين ولم تسمى سوريا يوما انها وادي الرافدين او تركيا يوما سمعناها تقول انها وادي الرافدين انه العراق فقط وليس غير
العراق يقبل ان تنتمي له تلك الانهار والانهار هي ايضا لا يمكن الا ان تنتمي الى العراقيين فلا يقبل دجلة ان يبدل اسمه الى اسم تركي او الفرات كذالك انهما ابناء العراقيين اللذين يمران اليوم بغفوة اجبارية بأستعمال كل الادوية المخدرة لأمتصاص خيراتهما حتى ليصنعا هناك في الجنوب شطا يسمى شط العرب ولا هورا يسمى هور الجبايش ولا مسطحات مائية تسمى باهوار العراق ,,
الطيور السائرة على هدى بوصلاتها تعرف انها ستحط الرحال على ارض قد حطت عليها الاجداد منذ الازل ولعلها ستمر بغرابة السير عندما تؤشر تلك البوصلات ان هذه الارض لا تحمل مزايا الهبوط والتمرغ بماء له طعمه المتأصل على بناء ذالك الجسد فتعود تغادر الى المجهول ولعلها تتيه في جوف الكون ويبتعد عنها المكان المنشود لتموت على ذكرى ماتحمله من وصية اب كان قد مر قبل الف عام على هور الحويزه وهو لا ينسى تلك المراة العجوز التي تجدف بزورقها وتصطاد الاسماك وتصطاد احد طيور ذالك السرب في عصيرة يوم تموزي عراقي لتتمتع برائحة الشواء على جميرات نار متعبة
تقلب معى ذالك الطائر سمكات من النوع البني العراقي الاصيل وخبز حار من نوع السياح ,,
الصور لا تفارق المآقي والعراقيين يحتاجون الى طول وقت ليتعودوا على هذه الصور الجديدة ولعل هذا الوقت يمتد ليصل الى حضارة الرافدين من اور وبابل والناصرية ولعلهم يموتون يوما مجتمعين على سواحل تلك الايام الذي يوما وجدوا انفسهم قد ناموا على تلك الارضي الرطبة وهم يعبقون منها رائحة الطين العراقي الممزوج بأغنيات صباح قادم وطير مسافر ونهر يسير وزورق غريب يمر ليذهب الى الخليج .

[email protected]