23 ديسمبر، 2024 1:10 م

الدكتور عبدالرحمن قاسملو، الدكتور سعيد شرفكندي، الدكتور كاظم رجوي، حسين نقدي، أربعة معارضين إيرانيين بارزين تم اغتيالهم في وضح النهار من قبل جواسيس ورجال مخابرات الجمهورية الاسلامية الايرانية في فيينا وبرلين وجنيف، ومع إن كل الادلة والشواهد كانت كافية لإدانة طهران على ما ارتكبته، إلا إن السياسة والاقتصاد والمصالح تشابكت معا ليتم وضع هذه الجرائم الاربعة والكثير من الجرائم الاخرى على الرف حتى إشعار آخر.

للجمهورية الاسلامية الايرانية خصائص ومميزات كثيرة ومختلفة، لكن من أهم خصائصها حساسيتها المفرطة لأي نوع من المعارضة خارج السياق والاتجاه الذي لا يتلائم مع الفكر والاتجاه الديني لها، بل وإن اعتبارها لكل معارض بأنه “محارب ضد الله”، يعني هدر دمه، والانكى من ذلك، إن السلطات الايرانية ينفذ صبرها في الكثير من الاحيان عندما تجد أن هناك ناساً يفكرون ويفسرون بطريقة تختلف الى حد ما مع فكر وتوجه النظام، فتبادر الى تصفية من تراهم مشاريع مستقبلية للمعارضة بدم بارد، كما جرى في بداية العقد التاسع من الالفية الماضية في ما عرف وقتها بالجرائم المتسلسلة التي طالت أدباء ومفكرين وفنانين ووجوهاً اجتماعية لا لشيء غير انها لا تغرد كما يغرد النظام!
طوال الاعوام الماضية، دأب القادة والمسؤولون الايرانيون على التأكيد بإصرار من إن منظمة “مجاهدي خلق” لم يعد لها من دور وتأثير وإنها صارت شيئاً من الماضي، وهذا التصور قد وجد طريقه للأسف الى الكثير من الاوساط السياسية والاعلامية العربية من دون أن تنتبه الى خيوط اللعبة الماكرة التي تقوم بها طهران لتضرب أكثر من هدف برمية واحدة، ذلك إنه وفي الوقت الذي كان هؤلاء القادة والمسؤولون يؤكدون على انتهاء منظمة “مجاهدي خلق” بالنسبة لهم فإن جواسيس إيرانيين في المانيا وفرنسا والنمسا كانوا منهمكين بالتجسس على نشاطات وتحركات منظمة “مجاهدي خلق” وتم القاء القبض على عدد منهم بالجرم المشهود في المانيا تحديدا كما حصل عندما قام مكتب الادعاء العام الالماني بتوجيه تهما بالتجسس ضد إيرانيين اثنين لتجسسهما على أعضاء منظمة “مجاهدي خلق” في الخارج في العام 2016، وقد أشار الادعاء العام للشخصين بأسماء رمزية هي ميثم ب. “31 عاما” وسعيد ر. “33 عاما”، ولم يكشف الاسمان الكاملان للرجلين تمشيا مع قواعد الخصوصية الألمانية.
النشاطات المشبوهة للعملاء والجواسيس الايرانيين الذين يتم توجيههم من طهران، لا تختص فقط بالقتل والاغتيال والحصول على معلومات بخصوص المعارضين من منظمة “مجاهدي خلق”، بل إن الامر أبعد من ذلك، حيث إن طهران وفي الوقت الذي تزعم فيه عدم تأثير منظمة “مجاهدي خلق”، فإنها جندت عملاء لها من بين الاعضاء السابقين المطرودين وغيرهم من منظمة “مجاهدي خلق”، وإرسالهم الى الدول الاوروبية من أجل تشويه الحقائق وتحريفها والتحريض على منظمة “مجاهدي خلق” والاتصال بالساسة والاعلاميين والشخصيات المختلفة التي تدعم وتؤيد وتساند نضال المنظمة من أجل إيران حرة، من أجل التأثير عليهم ودفعهم باتجاه التراجع عن مواقفهم ومن بين الاسماء التي تبرز بهذا الخصوص وصارت معروفة ومكشوفة، المدعو”قربان علي حسين نجاد”، والذي سبق وان تم طرده من بين صفوف المنظمة لأسباب نترفع عن ذكرها هنا.
هذا الشخص الذي تحتفظ منظمة “مجاهدي خلق” بصور له وهو يرافق القوات العراقية التي هاجمت “معسكر أشرف” في الاول من 2013، حيث تم قتل 52 معارضا إيرانيا، وكان مع المهاجمين أحد من أمثال حسين نجاد وهو من المطرودين من المنظمة ويدعى”مسعود دليلي” وهو الذي كان مع المهاجمين المداهمين لـ”معسكر أشرف” في الاول من 2013، وكان الدليل الذي قدم أكبر مساعدة للجناة من أجل ارتكاب جريمتهم النكراء لكن الملفت للنظر، أن الجناة وفي نهاية العملية، ومن أجل إخفاء معالم الجريمة تماما، قتلوا العميل الدليل وأحرقوا وجهه بالاسيد حتى لا يتم التعرف عليه.
حسين نجاد هذا، له تاريخ حافل ومثير للكثير من الملاحظة، من بينها إنه قد تم اعتقاله مع عميل آخر يدعى مصطفى محمدي وأبنته أثناء ذهابهم إلى مقر المجلس الوطني للمقاومة الايرانية في “اور سور اواز” بضواحي العاصمة الفرنسية باريس، حيث كانوا يسعون لالتقاط صور وأفلام عن المقر، لكن الشرطة ما أن ألقت القبض عليهم بادر حسين نجاد هذا بالاعتراف من فوره ومن دون أي ضغط وإكراه بأن السفارة الايرانية قد ارسلته بهذه المهمة، وذكر التفاصيل المتعلقة بذلك. هنا لا بد من الاشارة الى إنه قد تم توثيق إفادة حسين نجاد في مقر الشرطة الواقع ببلدة”اوفير سور اواز”، حيث أقر في إفادته إنه يتلقى راتبا شهريا مقداره 500 يورو من سفارة النظام مقابل مثل هذه المهام.
حسين نجاد، منهمك مع آخرين هذه الايام، وفي غمرة اقتراب موعد المؤتمر السنوي العام للمقاومة الايرانية، بالسعي الحثيث للاتصال بالشخصيات التي لها علاقة مع المقاومة الايرانية ومنظمة “مجاهدي خلق” في سبيل حثها على تنشيط مواقفها واعمالها ضد المقاومة الايرانية أوعلى الاقل عدم المشاركة في هذا المؤتمر، وهذا الرجل ولئن لم يستطع حتى الان من الايقاع بأحد في حبائله، لكنه مع ذلك وبطلب من اولي نعمته مستمر في تقديم خدماته ضد المعارضين الايرانيين، خصوصا إنه يسعى لتوجيه الدعوة لفلان وفلان من أجل عقد لقاء في كافيتيريا او ما شابه من أجل عقد صفقة التخلي عن دعم “مجاهدي خلق”!
غربان طهران المبثوثون في بلدان أوروبا، يسعون بكل ما بوسعهم من أجل إيقاف ركب قافلة النضال من أجل الحرية في إيران، والذي يثير الشفقة على هذا المسعى”الخائب”، هو إن هذه الغربان معظمها قد تساقطت أوتم نبذها والساقطون والمنبوذون لا يمكن أن يفلحوا إطلاقا.
يقول البير كامو: “عندما تجد ثمة شخص ساقط يتدلى على حافة هاوية فإن أفضل شئ تقدمه له هو أن تدهس بأعقاب حذائك على أصابعه كي يسقط نهائيا”!