سابقاً عندما يقال لفلان انك سارق او مرتشي تبقى هذه الصفة ملاصقة له ولمن يتصل به من افراد عائلته وتعتبر وصمة عار في جبينه مدى الزمن، وكان هذا اي “السارق” يبقى مطأطيء الرأس امام عامة الناس من الجُرم الذي ارتكبه ولو بعد حين وان تاب واصبح مواطِناً صالِحاً.
كلما يتقدم بنا الزمن العلِم والمعرفة تزداد تقدُماً، ازدهر العالم بعلوم الحداثة والتقنية العلمية والتكنولوجية، فبضغطة واحدة من آلة الحاسوب يكون العالم بين يديك فتصلك المعلومة والخبر دون عناء.. كذلك المفسدون قد تتطورت اساليبهم وادواتهم الفنية بكيفية الاحتيال على الشعوب وسلب ثروات البلاد والعباد بطرق مبتكرة قد اكتسبت ثوب الحضارة اي سرقة مقنعة، يسرقونك دون ان تشعر بها منها انه يدعي يحمل همومك عن طريق رفع شعار هنا ودفع ملمة هناك بذرائع واهية قد هيء لها الاسباب هو من اجل منافعه على حِساب غيره.
إثنان في الحمام احدهما يقول للأخر لا تُغبر اي لا تثير العجاج! عجيب وهل للاتربة “الغُبار”مكان في الحمام? اي كلاهما يقول للاخر انك افسدة الامر وكلاهما غير صالحان فيرمي احدهما الاخر ليبعد عنه الشبهة.
ابتليت البلاد بطبقة من تُجار المناصب والسياسة، همهم الوحيد هو كسب المال والنفوذ باي وسيلة كانت، فَلَم يعيروا اي اهتمام لسمعتهم وتاريخهم وان خرج الناس عليهم يرشقونهم بابشع عبارات الاستهجان والاحتقار لهم “مكللين باللعنات”.
تمكنوا المفسدون باساليبهم وادواتهم ان يستحوذوا على امكانيات ومقدرات بلد بكامله، بوسائل امتازوا بها واجادوا الدور الذي لعبوه واللعبة التي مرروها، فمنهم من مثل دور القومي واخر ذي الخطاب المذهبي واخر يدعي حامي مصالح الشعب واخر رافع لواء مكافحة الفساد واخر يدعوا بالرأفة والرحمة ويحمل شعار الانسانية والمواطنة الصالحة، جميعها عناوين كذابة اشبه بالديك يُأذن لكنه لا يقيم فريضة الصلاة، يقولون مالا يفعلون انما يستخدموها ليوهموا بها الناس لتحقيق اهدافهم..النزاهة تحتاج الى نزاهة لكثرة انتشار ظاهرة الفساد التي اصبح السارق يفتخر بانه سارق ومرتشي.
من امِن العقاب اساء الادب، بسبب غياب القانون والعقوبة الرادعة بحق مرتكبي الجرائم ومنها السرقة والرشوة والتي كانتا تعتبر قديماً جريمة مخلة بالشرف لما اقدم السارق ان يسرق ويتباهى بسرقته، ولكن بسبب ضعف القوانين والحصانة التي لانعلم من أين اتت التي يتمتع بها السياسي التي تمنحه القوة ان يفعل ما يشاء.
يصبح الحال حرجاً حين يتم تكرار اسم هذا السارق مما يدفع زعيم الكيان لهذا وذاك ان يقيل السيد المسؤول من المنصب “اتستر عليك وتستر علي” لان كلاهما سارقان فيعفى عنه ويعطى له صك الغفران مع تسفيره الى البلد الذي اتى منه لكونه ممن يطلق عليهم مزدوجي الجنسية والشواهد كثيرة على ذلك فمنذ 2003 والى يومنا هذا السرقات من قبل تجار السياسة والمناصب قائمة على قدم وساق.. والغريب بالآمر تجد الجميع ينادي بمحاربة الفساد ويدعي النزاهة له ولكيانه وتجد صوته مرتفعاً في وسائل الاعلام يتهم الاخر بالفساد ومحاربته لهم، لكن بالواقع زعيمهم الذي علمهم السِحر “السرقة”.