اتذكر، انه في الشهر الخامس من عام 2003، قد التقيت وزميل لي احد السياسيين العراقيين (العائدين) الى الوطن بعد (التحرير). وكان ذلك السياسي متواضعاً لم تركبه العنجهية بعد، ومثله كان معظم السياسيين الاخرين المنفيين!
قال السياسي الذي صار كبيراً بعد حين ممازحاً! اتعلم.. لقد اختارت لي قيادة الحزب اربعة حراس واحد منهم اعرج والاخر اطرش والاثنان الاخران يعانيان من العشو الليلي !! فرد عليه الزميل ضاحكاً: صار عليك ان تحميها انت!! وضحكنا!!
لم يكن هذا السياسي وحده، من يشكو سوء اختيار الحراس الشخصيين او حتى المساعدين، فسياسي اخر، هو الان يشغل منصب وزير، كان يشكو دائماً من عجز مساعديه الذين اختارهم الحزب في تنظيم لقاءاته بالصحفيين وزملائه من السياسيين الاخرين.. وقال مرة شاكياً: كيف نبني العراق اذا كان مثل هؤلاء من سنعتمد عليهم في المستقبل؟
اذكر ايضاً اني التقيت مرة بسياسي اصبح رئيساً للوزراء ونقلت اليه شكوى عائلة ظلمها النظام البائد اذ قتل ثلاثة من ابنائها، فوعدني خيراً، وللتأكيد على انه مهتم بالأمر التفت الى سكرتيره وقال له: ذكرني بهذه القضية حين اعود الى مكتبي. ومرت اربعة شهور ولم ينفذ وعده.. والاغرب من هذا بعد ذلك هو صعود سكرتيره وهبوط نجمه حتى صار سكرتيراً لسكرتيره او اشبه بذلك!
واتذكر كذلك ان سياسياً من (بره) قد اطلق العنان للسانه بوصف النظام المستبد البائد بأنه هدر ثروات البلاد وما الى ذلك، فرد عليه احد الصحفيين: وما هو برنامجكم لبناء العراق الثري؟ فأجابه بأصرار: ستفاجأ ! وفعلاً بعد اقل من سنتين (شرد) هذا السياسي الى خارج العراق ومعه ملياراً وربع مليار دولار امريكي!!
واتذكر، ان احد (قادة) هذا الزمان كان يتباهى امام الصحفيين بقيافة حراسه وانتظامهم الحديدي وشجاعتهم ايضاً، وما ان فرغ من مباهاته مرة حتى سأله زميلنا الصحفي: ياسيدي كم من اهل الاختصاص وذوي الشهادات العليا في حاشيتك، فأجابه بغرور: انا وحدي.. الا يكفي هذا؟!
كان ذلك منذ سنوات.. اما اليوم، فقادتنا يتباهون بحمايتهم، ويستعرضونها امامنا في كل يوم وكأنهم يريدون ان يقولوا لنا: بهؤلاء نسحقكم؟ بدلاً من ان يختاروا العلماء وذوي الخبرة والاختصاص كمساعدين ليقولوا لنا: بهؤلاء نبني العراق!! .