إنهم يصرون على السباحة ضد التيار و عدم القبول بالامر الواقع مهما کلف الامر، هذا هو حال و موقف نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية من مجرى الاحداث على عدة أصعدة ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الاوضاع في داخل إيران و في سوريا و في العراق و لبنان، عدم إذعانه لکل الأبجديات و المعادلات السياسية على أرض الواقع، وإصراره على التصرف و المبادرة وفق مصالحه و مقتضيات ظروفه.
إصرار الشعب الايراني على رفض النظام القائم الذي أذاقه الويلات، لم يعد مجرد مسألة عادية بالامکان تجاوزها او تخطيها، لأن الشعوب فيما لو دخلت على الخط فإن کل المعادلات و المراهنات ستتغير و ستنقلب طاولة المخططات و المؤمرات على رؤوس أصحابها، لکن مشکلة هذا النظام لاتنحصر فقط في دخول الشعب الايراني على خط المواجهة ضده وانما أيضا ذلك الاقتحام الاستثنائي لساحة الاحداث السياسية من جانب منظمة مجاهدي خلق”أبرز فصيل سياسي معارض و صاحب الدور الاکبر في إسقاط نظام الشاه عام 1979″، والذي لفت الانظار إليه بقوة و فرض نفسه بمثابة الرقم الاصعب في المشهد السياسي الايراني، وهذا الامر وضع النظام في موقع صعب و معقد دفعهم لکي يفکرون و بطرق شيطانية في إستغلال نفوذهم في العراق و لبنان و سوريا و دفعها بإتجاهات تخدم مصالحم الضيقة في طهران و يعملون مابوسعهم من أجل تدارك الاوضاع و الموقف.
مايجري من أحداث غريبة و غير منطقية في العراق و سوريا و لبنان، و الذي جرى و يجري من قمع و إستبداد استثنائي بحق الشعب الايراني، يؤکد بأن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية قد صار في موقف و وضع لايمکن أن يحسد عليه أبدا، خصوصا بعد أن لم تفلح الخطة الخاصة للنظام بإبقاء منظمة مجاهدي خلق ضمن قائمة الارهاب و هي الخطة المشبوهة التي إستمرت لمدة 15 عاما وأکدت الاحداث و التطورات من إنها لم تکن في صالح إيران و المنطقة و العالم، وقد کانت عودة المنظمة الى الساحة”التي لم تغب عنها أبدا”، بعد أن نجحت في تخطي القائمة و أثبتت براءتها من التهمة الظالمة الموجهة إليها بالارهاب عبر المحاکم الامريکية و الاوربية، وهذه العودة قد تمکنت من تغيير الکثير من مجريات الواقع و أعطت الکثير من الامل و لتفاؤل للشعب الايراني و أعادت إليه الثقة بالنفس من أن طليعة الکفاح من أجل الحرية و الکرامة الانسانية طود شامخ لايمکن أبدا إبقائه في قفص او دائرة ضيقة وان دعاة الحرية و الثورة هم کالنسور و العقبان التي لا تکف عن التحليق عاليا.
المحاولات المستميتة التي يبذلها هذا النظام من أجل الامساك بزمام الامور في إيران و العراق و سوريا و لبنان، باتت بالغة الصعوبة عليه و لم يعد بوسعه المزيد من المطاولة و المضي في هکذا إتجاه معقد، وان التقارير الواردة من داخل إيران تؤکد بأن الاوضاع في داخل إيران قد بلغت مستويات غير مألوفة و استثنائية و صار الموقف بالنسبة للنظام أصعب مايکون بل وان بعضا من هذه التقارير تشير الى أن النظام لم يعد بإمکانه الامساك بزمام الامور کسابق عهده، وان هذا النظام قد صار يتخوف و يتوجس ريبة من کل شئ ولاسيما بعد أن بلغت الاوضاع الاقتصادية أدنى مستوى لها و تزامن معها تشديد العقوبات الدولية مع إحتمال بمضاعفتها، ناهيك عن إن الدور الايراني يشهد تراجعا کبيرا في سوريا وقد يتم مقايضته في أية لحظة في لعبة دولية ـ إقليمية يکون الخاسر الاکبر فيها هذا النظام، ولهذا فإن الذي بالامکان قوله هو أن الايام القادمة تحمل في طياتها ماهو الاسوء لطهران.