ان Talent تعني موهبة في اللغة الانكليزية، وفي الوقت الحاضر هناك مثل يضرب ولا ننسى ان الامثال تضرب ولا تقاس والقائل ” الغباء موهبة” وما يحدث بالفارق الزمني فقصة هذا المثل قد جاء من تلاعب جحا بمكانته السياسية في مشاعر الناس واراد ان يبعدهم عن مساوئ السلطة، قرب موعد الانتخابات لمجلس الامناء على البلدة وكان جحا قد اهتزت صورته امام اهل البلدة بعد السرقة التي حصلت ولم يمنعها بعربة المدرعة ففكر كيف يحاول ارضاء الناس ليعاد انتخابه مرة اخرى، فعاد جحا لحماره وتصالح معه مقدما له وجبة دسمة من الحشيش الملكي الذي كان جحا يحرسه فاخذ من بيت المال جزءا لحماره.
قرر جحا وبعد تفكير عميق جدا ان يعمل مسابقة للحمير حيث كان جحا يتملك حمارا موهوبا يستطيع قيادة عربته المدرعة الجديدة افضل من الحصان الملكي مما دفع جحا بعمل مسابقة “الحمير تالنت” او مواهب الحمير لكن ما استوقفه للبدء بالفكرة معارضة الوالي فسيقول له لماذا فقط الحمير لنعملها لكل المواهب ولا نستثني احدا وخصوصا القيادات الحاكمة في البلدة ومن ثمة نطبقها على الشعب اذا رغب بالمشاركة.
-فطرح الفكرة على الوالي
– فرد الوالي ولماذا الحمير تالنت وما فائدة هذا المسابقة ولما نحتفل اصلا؟
– فقال جحا لنعمل من هذه المسابقة ترفيها للناس ولنبين ان من يحكمهم قادرون على العملية السياسية والاقتصادية ولديهم مواهب ايضا هذا ما يجعلهم ان لا يغيرونا بالانتخابات القادمة.
بدأ جحا بعمل لجنة التحكيم وقد رصد مبالغ طائلة لهذه المسابقة واستغل جزءا منها للترويج على عملية انتخابه للمرة الثانية وقد بدأ الاعلانات وراسل البلدات المجاورة بفكرة المسابقة ومن لديه موهبة لتأتي للتسجيل والدخول للمسابقة. وبالفعل قد بدأ مجالس الامناء في البلدات المجاورة التسجيل في المسابقة وكل لديه موهبة.
وبدأت المسابقة فكان ما كان واستعرضت البلدات الاخرى مواهبهم ووصلت الى البلدة المضيفة استعراضها فقرر جحا ان يبقى متأخرا ليفاجئهم بما حضر للمسابقة وصل الحمار المسرح حيث هناك كتاب فقام الحمار بفتح الكتاب ويقلب بلسانه ورأسه صفاحات الكتاب فتعجب الحضور ان الامين جحا جعل من حماره يقرأ الكتاب فكيف بجحا ما يحمل من علم يستطيع ان يفيد به البلدة والبلدات المجاورة.
وبات امل النجاح في الحفاض على الكرسي قريب والخوف يتبدد والعربة لم تذهب وميزانية البلدة لن تفارق جحا لكن ألم الناس لم يزول من ما جرى فالبلدة سرقت والامين لا يفكر الا في نفسه والبلدة تعج بالفقراء والامين يفكر في نفسه والبلدة ملأت بالأمراض والعطالة والبطالة وكثرة الحديث عن فشل الامين بعمله لم يكن امينا عليهم لهذا كان القدر يجعل موهبة حمار جحا لم تنطلي على احد الحضور
– فصاح بجحا يا ايها الامين انت جعلت الحمار يقرأ لكن لم تستطع ان تعلمه الكلام فما فائدتنا من الحمار ان كان يقرأ ولا يتكلم؟! وحتى لو جعلته يتكلم ما فائدتنا من الحمير ان تتعلم؟! وان كان التعليم ذو فائدة للحمير لماذا اطفالنا لا يوجد لديها مدارس ولا يوجد لديها وسائل التعليم المتطورة مما لدى حمارك، هنا الرجل صاح سأقول لكم الفكرة ان جحا لم يجعل الحمار يقرأ لكن وضع له حبات من الشعير بين صفحات الكتاب الكبير فكان من الحمار ان يريد ان يأكل بلسانه ويبحث عن الحبات الاخرى بين الصفحات والدليل الشعير المتساقط تحت الكتاب والحمار الان انزل رأسه ليكمل اكلها.
ساد الصمت لهذه الحقيقة ان مشكلة الابعاد ما بين الانسان الذي يرى بكل وضوح الحقيقة وما بين الانسان الذي لا يريد ان يرى سوى اللحظة هو بعد وطني فمنهم من يهتم بالبلدة ومنهم من يهتم بمصلحته فقط. كفى مزايدات كاذبة وكفى خنوعا للسلطة رغم كذبها وخدعاها نطق ذاك الرجل ورد جحا بوضوح ما عاناه الشعب من توهيم المواطن بمزايدات كاذبة وصرخ بوجه الخوف والخداع ومن مكانه صرح انه الشعب فالمصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة وان عدد الشعب اكثر من رجالات السلطة هذا هو البعد الحقيقي.
[email protected]