23 ديسمبر، 2024 5:40 م

وصفوك بأنك معدوم والجميع يسعى اليك بشق الانفس وكم اجتمع السياسيون والنفطيون في مؤتمراتهم للحصول عليك وكم اتفاقيات عقدت للتجارة بك 0 لقد تسابقو حتى للمرورك عبر اراضيهم 0 لقد كنت الكأس المعلى عمرت البلدان وادرت المصانع وأنرت الطرقات ايها الطاهر المطهر لقد كنت عونا للمرأة وهي تقدم اشهى الاطعمة سرعة وحلاوة حتى انحنت لك القيمة والرز والسبانغ والباميا والبذنجان والدولمة والفسنجون والباقيات الصالحات من الاطعمة والحلويات المتعددة وانواع الجنسيات اجلال لشهرتها وانتشارها وكانت الراعي للخلاص من سخام النفط الابيض الذي سود مطابخنا فسلام عليك يوم استخرجت ويوم اوصلوك الينا ، كم انت ثمين يا(غاز العراق) ؟
لقد كانت ولازالت تتصدر صفحات الصحف والمجلات أزمتك ، وكم كانت الشكاوي يفقدك ، حيث تملأ مكاتب المسؤولين قضيتك فينظرون اليها كباقي الشكاوي المزمنة لن بيوتهم أمتلأت بقناني الغاز (الجديدة الصنع) 0 بأبي انت وأمي كم انت مسكين ومظلوم يرمونك من اعلى سيارات النقل على الارض وليس من مغيث لنصرتك فشوهوا منظرك الوسيم يا سيدي ومعتمدي في الشهر المعظم رمضان المبارك والاشهر العظم وفي السراء والضراء 0 ولو سمحوا لي لاحضنتك في سريري ودثرتك بأغطية المساعدات المفقودة والنادرة التي توزعها منظمة الهلال الاحمر والجمعيات الخيرية ومنظمات الاغاثة الدولية وستكون ضيفا جميلا بأحلامي السعيدة وسيفسرها (فرويد) في احلى تحليلاته وبحوثه في علم النفس وسيكون عامي هذا مكلللا بالنجاحات وعلى جميع الاصعدة اذا رأيت في منامي أفعى تلتف على اسطوانة غاز داري على رواية (ابن سيرين) في تفسير الاحلام المعتمدة لدى جداتنا ، تبا لمن عاداك ونصب لك العداء وسأظفر بصباح سعيد على صوت (بأئع الغاز) وهو ينبئني بيوم ملؤه السعادة والحبور وهو موعد استلام المخصصات في دائرتي ولو كان الدكتور(علي الوردي) حيا لشرح لي اهمية قنينة (غاز العراق) والعلاقة الجدلية بين المسؤول والمواطن واثر التجاوزات على هذا الصراع المعدني الكبير وأراء وعاظ السلاطين فيه وحالات انفصام الشخصية يتحلى بها مختاري الاحياء وباعة (غاز العراق) المتجولين والمتاجرين به في الازمات الحالكة ، كم انت عظيم يا (غاز العراق) في بداية سبعينيات القرن الماضي دخلت ضيفا واخا عزيزا مكرما مصانا وكنت تتربع في تلك الازقة من مدننا القديمة ، فحق علينا ان نحتفي كل سنة بل وفي كل يوم ونضع صورتك البهية في غرفة استقبال بيوتنا ، بالامس تسلمت دعوة من جاري للحضور في حفل عقد زواج ولا اخفيكم سرا لقد كان من مفردات (نيشان الخطوبة) السبعة اثنان (قنينة غاز) حسب طالب اهل العروسة واخبرني بانها ذو فال حسن وقد علقت في قاعت الاحتفال الاحتفال صورة العريس وبجانبه خطيبته تتوسطهما قنينة (غاز العراق) وألقيت ابيات شعر وقصائد رائعة كانت عبارة (عاز العراق) تسبح بين القوافي و في وختام القصائد ، كم انت رائع يا (غاز العراق) ويومها كنا نلهث وراء بائع الغاز ليسموها بعشرات الالاف وعمرها لايتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة تودعنا بالمحبة وتعطر مطبخ دارنا 0 كل دعواتنا لمختار الحي لينقل اقدامه الشريفة الى معمل الغاز السائل لاستلام حصة الحي راضين كل الرضا الكمية المقررة ولو كانت قليلة عندئذ تلعب العلاقات الشخصية وذوي القربى والمقربين من المسؤولين في عملية عدالة التوزيع ، بعد اكمال مقالتي هذه اتصلت هاتفيا بالسيد رئيس دائرتي لأطلاعه عليها فأخبرتني زوجته انه خرج منذ الصباح الباكر وقد وضع معشوقته قنينة (غاز العراق) على كتفه يسعى وراء السيارة توزيع الغاز ولم يحالفه الحظ بالحصول وعاد يناجي ويندب ويلعن من استخرج النفط و الغاز وهو يرد اغنية (تايبين) للمطرب ياس خضر ودخل الى الدار حيث اخبرته ابنته ان مادة النفط الابيض قد نفذت 0وان (الجولة) قد انطفات 0 وفتائلها قد احترقت والشاي لم يكمل بعد 0
فتحية لبلدي الذي يتربع على اكبر احتياطي من النفط والغاز في العالم 0
[email protected]