العلاقات ما بين الأمم والدول في الدنيا ومنذ الأزل , يحكمها قانون الغاب الذي خلاصته القوي يفترس الضعيف.
والمخلوقات الضعيفة المستهدفة تعلمت العيش في قطيع وتوارثت ثقافته وقوانينه فحافظت على بقائها وتواصلها إلى اليوم , كالغزلان والأبقار وغيرها من المخلوقات التي تكون عرضة للإفتراس.
وبعض المخلوقات المُفترسة تعيش في مجاميع لتتعاون على مهاجمة القطيع , والإنفراد بأحد أعضائه والإطباق بأنيابها على عنقه وإخماد أنفاسه.
وحياة القطيع تعني الإتحاد والعمل على تحقيق مصلحته , وحمايته من الهجمات والصولات الإفتراسية.
وبعض الدول والمجتمعات قد تحولت إلى فرائس سهلة لأنها ما عرفت الإتحاد , وإنما المجاميع المُفترسة قد نجحت في تدمير إرادة إتحادها , ومنعها من وعي أهمية ثقافة القطيع وسلوكه الجماعي المحافظ على كيانها وسلامة بقائها.
وهذذه المجتمعات والدول أبتليت بأنظمة حكم ساذجة ومغيبة عن الوعي , لأنغماسها في ملذات الكراسي ومعطياتها الآنية , التي أسكرتها وقطعتها عن ذاتها وموضوعها.
فترانا أمام دول تريد الآخرين أن يسلحوا جيوشها ويبنوا كيانها , وهي تعتمد عليهم بالكامل والمطلق , وتعبيرا عن سذاجتها الفائقة وتبعيتها المفرطة , فأنها حسبت القوى الإقليمية والعالمية ستكون عونها وحامية حماها , وتناست أن الفريسة عندما تقع بين أنياب المفترسين , لا تتلقى إلا غرزات الأنياب في بدنها التي تسعى لتمزيقها إربا إربا.
وهذا يعني أن أحوال هذه الدول والمجتمعات سيكون ممزقا ومتواصل النزيف , لأن القوة المُفترسة تبحث عن إلتهام فريستها , والتمتع بطعم لحمها وتحرير طاقتها لتنمية قوتها وجبروتها.
ولا خيار أمام هذه المجتمعات والدول إلا أن تعود لنفسها وتتحد , وتكون قوة جماعية جامعة تدين بعقيدة المصالح المشتركة الوطنية والجمعية , لكي تقف على أقدامها وتتحد لمواجهة صولات الإفتراس الضارية , أما إذا بركت واستسلمت وحسبت المفترس منقذا , فأن عليها أن نقرأ الفاتحة على وجودها وتغيب وتنقرض.
فهل وجدتم قوة مُفترسة تفكر بغير الإفتراس؟!
وهل وجدتم أسدا لا يفكر بغرز أنيابه في عنق غزال إنفرد به؟!
تلك بديهيات سياسة وقوانين تفاعلات ما بين الأمم والدول , ولا يخدعنكم مفترس يرتدي اقنعة التضليل فيتثعلب ويرديكم في حبائل مكره الشديد!!