19 سبتمبر، 2024 7:19 م
Search
Close this search box.

غائب طعمه فرمان- مترجما

غائب طعمه فرمان- مترجما

23 سنة على وفاة المرحوم غائب طعمه فرمان
17 آب 1990- 17 آب 2013
ض.ن.
—–

ارتبط اسم الكاتب العراقي الكبير غائب طعمه فرمان ( بغداد 1927- موسكو 1990 ) بمهنة الترجمةمنذ ان وصل الى موسكو في بداية الستينات وبقي فيها الى ان وافته المنية عام 1990 , حيث تم دفنه في ثراها في آب / اوغسطس من تلك السنة. لقد ترجم المرحوم غائب طوال حياته في موسكو 84 كتابا روسيٌا والتي تم نشرها من قبل دار النشر السوفيتية ( بروغريس) ( التقدم) وشقيقتها دار نشر ( رادوغا ) ( قوس قزح) , وهناك من يشير الى ارقام اخرى من الكتب التي ترجمها , ومنهم ارملته السيدة اينا فرمان التي  قالت لي انه ترجم حواليمئة كتاب, جوابا على ما قلته مرة امامها بانه ترجم اكثر من خمسين كتابا , ولم اكن في حينها قد درست بدقة موضوع عدد الكتب المترجمة التي صدرت للمرحوم غائب في الاتحاد السوفيتي , ولكن الاستاذ عبد الله حبه , الباحث والفنان العراقي المعروف والمترجم الذي رافق غائب طعمه فرمان طوال مسيرة حياته في موسكو قد نشر في موقع (روسيا اليوم) باللغة العربيةقائمة دقيقة لكل الكتب المترجمة من قبله والتي صدرت عن داري النشر السوفيتيتينآنذاك وعددها 84 كتابا,وقد أشار الاستاذ حبه الى انهذه القائمة موجودة باللغة الروسيةضمن قوائم داريالنشر( بروغريس) و (رادوغا), علما ان بعض الباحثين حاولوا ترجمتها الى العربية , الا ان محاولة الاستاذ حبه كانت الادق طبعا و نشرهاباسمه على موقع واسع الانتشار ومهم مثل( روسيا اليوم ), مع ملاحظة واحدة فقط وهي ان عنوان الكتاب الذي جاء تحت الرقم 30 في القائمة المذكورة ليس ( الكعك الاسود) وانما ( البسقماط الاسود)كما ترجمه المرحوم غائب, علما ان الاستاذ حبه قد اشار الى احتمالية تلك الاختلافات البسيطة في مقالته لانه اعتمد النص الروسي فقط.
ان الاطلاع الموضوعي والمتمعن على هذه القائمة يبين بشكل واضح ان بعض تلك الكتب تدخل ضمن المكتبة الكلاسيكية للادب الروسي وبعضها يدخل ضمن اهداف كانت تسعى لها بشكل عام دور النشر السوفيتية تلك آنذاك , وسنحاول في هذه المقالة القاء نظرة عامة وموضوعية على هذا الجانب الحيوي والمهم في مسيرة ونشاط الكاتب العراقي الكبير غائب طعمة فرمان باعتباره مترجما .
يؤسفني – في بداية حديثي- ان أشير الى ان تلك القائمة جاءت دون الاخذ بنظر الاعتبارواقع تسلسها الزمني, فالكتاب الاول فيها صدر عام 1966, والكتاب الثاني صدر عام 1964 , والثالث صدر عام 1979, والرابع صدر عام 1983 , والخامس – عام 1988, والسادس عام 1966وهكذا, بحيث ان القارئ– نتيجة لذلك – لا يستطيع تكوين وبلورة صورة متناسقة وصحيحة لجهود المرحوم غائب طعمه فرمان ومسيرته في مجال الابداع الترجمي ضمن التسلسل التاريخي للكتب الصادرة تلك,وكان من الممكن بالطبع تنسيق هذه القائمة وترتيبها على وفق تواريخ الاصدارات ببساطة, الا ان هذا الشئ لا يعني بتاتا التقليل من اهمية هذه القائمة ,التي تسجل كل الاعمال الترجمية للمرحوم غائب طعمه فرمان.ان النظرة المتفحصة لتلك القائمة تبين بما لا يقبل الشك ان المسؤولين الروس في داري النشر تلك لم يستطيعوا ادارة عملهم بشكل سليم وعلمي وموضوعي, اذ انهم في كثير من الاحيان كانوا يكلفون غائب طعمه فرمان بترجمة كتب(ثانوية ) وليس (اساسية )من الروسية الى العربية دون مراعاة قيمة المرحوم غائب واهميته ومكانته وتاريخه في دنيا الادب والفكر في العراق اولا وفي كافة ارجاء العالم العربي ثانيا , واذا كان هذا الامر غير واضحا لهم قبل اصدارات غائب لرواياته المعروفة ابتداءا من روايتة الرائدة ( النخلة والجيران ) 1966فان الامر يصبح غير منطقي بتاتا بعد سلسلة تلك الروايات التي اصدرها لاحقا, وهذا يعني ايضا ان هؤلاء المسؤولين كانوا يعملون في اجواء بيروقراطية و بمعزل تام عن مسيرة الادب العربي المعاصر لهم آنذاكورجالاته واحداثه ,ومن المؤكد تقريبا انهم كانوا يستغلون طيبة غائب وبساطته ونزاكته ورقٌته وخجله وعدم استطاعته رفض اي شئ يطلبونه منه, والا كيف يمكن ان نفسر او نفهم لماذا تم تكليف الروائي العراقي الكبير بالذات وليس غيره من المترجمين العرب الذين كانوا يعملون هناك ( وما اكثرهم !) ان يترجم الكتب الاتية – ( علم الفلك في صور ) و ( جولة في الاتحاد السوفيتي ) و ( في المستشفى ) و ( حادث مؤسف ) و( حفلة موسيقية ) و ( معارف جدد ) و( حديث وراء الطاولة ) و ( في الطريق ) و ( فوق السحب ) و( التحضير لرحلة ) و( صور مسلية ) وهناك سلسلة من كتب الاطفال بطلها اسمه ( نيزنايكا) ترجمها غائب وهي – ( مغامرات نيزنايكا) و ( كيف اصبح نيزنايكا رساما ) و ( كيف اصبح نيزنايكا موسيقيا ) و( كيف نظم نيزنايكا الشعر ) و ( كيف انطلق نيزنايكا في سيارة الغاز )و (كيف ابتدع نيزنايكا البالون )وغيرها!!! وباختصار, فان هذه القائمة ترسم بشكل دقيق مسيرة الاعمال الترجمية في موسكو للكاتب العراقي الكبير بما فيها بالطبع تلك الجوانب المضيئة والساطعة فيها, اذ انهاتشير ايضا الى تلك المساهمات العملاقة والرائعة لغائب طعمه فرمان في ترجمة امهات الكتب الروسية الادبية لبوشكين وغوغول وتورغينيف ودستويفسكي وتولستوي وليسكوف وغوركي واليكسي تولستوي واندرييف وشولوخوف وايتماتوف وغيرهم,والتي لا زالت متداولة بين القراء العرب لحد الان, هذه الترجمات التي تتطلب مقالات طويلة وتفصيلية خاصة بها بل ودراسات علمية عميقة لها و كتابة اطاريح اكاديمية بشأنها, وكم اضاع الادب الروسي والقارئ العربي المتابع له  نتيجة اشغال المرحوم غائب بترجمة تلك الكتب التي كلفوه بترجمتها هؤلاء الاداريون البيروقراطيون خارج  نطاق هذا الادب  , والذي كان مضطرا ان يقوم بترجمتها لان ظروف حياته كانت تتطلب الخضوع والانصياع لتلك الرغبات الفجة , واختتم هذه السطوربالتأكيد على هذه الفكرة بالاستشهاد  بمقطع مما كتبه الاستاذ عبد الله حبه في مقالته البديعة والجميلة والشاملةعن غائب طعمه فرمان بعنوان ( ثلاثون عاما من النفي والابداع في موسكو) والتي اشار فيها الى (..ان دار النشر كانت تكلفه احيانا بترجمة نصوص تبعث على السأم, فوجدته مرة في شقته مطلع الستينيات حائرا امام كتاب حول تربية الضأن في تركمانيا, وكان في حالة يأس تام في البحث عن التعابير والالفاظ الغريبة لديه في القواميس, ومرة اخرى وجدته يترجم مادة حول محطة كهرمائية بكل ما تتضمنه من مصطلحات هندسية..)

أحدث المقالات

أحدث المقالات