بالنسبة لي لم أدرِس علم الاجتماع , لذا اود ان انوه للقارئ العزيز ان كلامي هو مجرد رؤيا عملية ادركتها من خلال كم هائل من (المنشورات , التعليقات والمقالات) نُشرت على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) او المواقع الالكترونية الاخرى لمن يعلنون ولاءهم للحاكم على الرغم من ان الحاكم نفسه يعلن يومياً انه فاشل لكم هولاء الافراد لا يريدوا ان يؤمنوا ان ( حاكمهم ) فاشل .
بعد ان قارنت ما ذٌكر مع الماضي القريب والبعيد ومع نفس الانموذج , وجدت ان لا اختلاف بينها سوى التواريخ والأشخاص , فالصفات عينها موجودة على ما يبدو في كل حقبة .
المهم ما وجدته بما ذكرته اعلاه العديد من الصفات السيئة التي يكتسبها الفرد من ولائه المطلق وطاعته العمياء للحاكم , من تلك الصفات :-
اولاً:- عُقدة النقص , والتي تصيب المجتمع الذي عانى تهميشاً سياسياً لذا يتعلق بأول فرد يتسلم السلطة بأسمه , فيرى فيه الافضلية دون اي دراسة ويرى فيه (منقذه) ,فهي اشبه بطقوس وثنية اذ يقوم الافراد بمنح ما تبقى من وجودهم وطاقاتهم (للكاهن) كي يُصبح مشبعاً بالوجود والطاقة فهو احق بما يملكوا من امكانات فهو الكامل وهم (الناقصون) دائماً, وان هذه الطقوس ما هي الا تخيلات وليست حقيقية بل هي متولدة من عقدة النقص لدى ممارسي الطقس تجاه كاهنهم ,فهذا مشابه للمجتمع اعلاه , اذ ما هو الا شعور يزول بزوال هذا الحاكم .
ثانياً :- ربط وجود الشعب بوجود الحاكم, وهذا دور يقوم به الحاكم اذ يوهمهم انهم في خطر محدق وان العالم من حولهم سيتلقفهم وهو الوحيد القادر على ابقاف هذا المد , لذا يرون ان الشعب يجب ان يُعطي قرابين من اجل بقاء هذا (الحاكم) او سيُفنى هذا الشعب بأكمله او من يمثلهم , فالآن في العراق يُقتل العشرات يومياً وبتقصير واضح ومتعمد في بعض الاحيان من قبل رئيس الوزراء(نوري المالكي) إلا ان مؤيدي الحاكم يرون ان هذا (قربان) لنجاح (العملية السياسية) كما يعبر عنها هو ,هذا يذكرني بالطقوس التي يقوم بها شعوب الهنود الحمر قديماً بتقديم قرابين من خلال قتل افراد من قبيلتهم وتقديمها (للآلهة) كي لا يموت جميع الشعب .
ثالثاً:- تعطيل كامل للعقل والتي ينتج عنها حالة من الخمول الفكري وعدم الانتاج الفكري والثقافي , فالعقل فقط حينما يتمرد يبدأ بالإنتاج , وشواهد هذا كثيرة فالأنبياء والعلماء والفلاسفة جميعهم كانوا متمردين اما الجانب الاخر فهم (المتخاذلون عن ثورة العقل ) , يذكرني بهذا احد الكُتاب او من يسمي نفسه كاتباً كان دائم الكتابة ضد الحاكم واقصد بالحاكم هو رئيس الوزراء نوري المالكي , وإظهار مساوئه ونقده المستمر كما ويقوم بالنشر لكتاب اخرين يقوموا بنفس المهمة الا انهم اكثر مهنية منه واكثر شرفاً , لكن الغريب في الامر انه ما ان اشتراه الحاكم حتى اصبح ضحلاً وبدا كحجر , اذ (عطلت) اموال الحاكم (عقله) ان كان له عقل وهيجت (شهواته) .
رابعاً :- تخوين كل من يحاول ان يعارض سياسة الحاكم وعدم الثقة به , اذ هذا تصريح خفي وغير مقصود او هو مقصود من قبل العقل الذي خُلق (متمرداً) بالفطرة , فكونه خون كل من يحاول التغيير فهذا قد يُعتبر دليلا على انه يعيش حالة الفشل تلك في وقته الحالي الا ان سبب عدم التصريح بذلك يعود الى عدم الثقة بالنفس او الخوف من المجهول .
خامساً :- لهذا الولاء المطلق والطاعة العمياء سلبيات ليست آنية بل تتبين لاحقاً بعد سقوط او انتهاء حكم هذا (الحاكم) , فلا ارادياً تتكسر تلك القيود التي يضعها الفرد على نفسه , فتراه يتحول من ذلك الانسان الوديع المدافع عن الحاكم الى وحش كاسر, فلو أتُيحت له الفرصة سيقوم بأكل لحم الحاكم السابق وتقطيعه والتنكيل به وحق كل ما يتعلق به ,فهذه الحالة هي اشبه بمن يعيش لذة جسدية مًحرمة فما ان يزول مصدر هذه اللذة ويعيش بكامل عقله ووعيه حتى يبدأ الندم يُسيطر عليه فيحاول الانتقام من تلك الشهوة حينها يتحول الندم الى وحش يحاول تحطيم مصدر تلك اللذة .
واقرب شاهد تاريخي على ما قلته اعلاه هو حُكم المقبور (صدام) فالكثير ممن كانوا يُصفقون له خرجوا بلا شعور يبحثوا عن اي شيء يرتبط به ليُدمروه , فحينما لم يجدوا شخصه قاموا بضرب صوره وتماثيله المنتشرة في كل مكان , قد تسمى هذه ثورة لكنها ثورة متأخرة جداً, ثورة كشفت مدى جبن وتخاذل هؤلاء عن نصرة الحق حينما احتاج الثائر ألحقيقي للنُصرة إلا انه لم يجدها بسبب هولاء .