23 ديسمبر، 2024 4:13 ص

عَرقُ الجبين جَفْ

عَرقُ الجبين جَفْ

المجالس مدارس كما قالوا غترف من معينها  الكثير قيم الرجولة وتعلموا الخلق والأدب والشجاعة وأكرام الضيف, يرتادها عليّة القوم وشيوخ العشائر ومثقفيها وعلماءها ورجال الدين , منهل من مناهل العلم ورافد من روافد التربية التي جبّل عليها المجتمع , ماء الوجه والحفاظ عليه درسا من دروسها وواحدة من مفاهيمها العميقة  حفظه البعض عن ظهر قلب يُجنبهم منزلق التجاوز على حقوق الآخرين , والجبين أو مايطلق عليه بالعامية (( الكصه )) هو طالع الأنسان لحاضره ومستقبله فخيره واضح وشره مكتوب تراه العين , و(كصة الخير مبينه ) أمثلة كثيرة في هذا المعنى , مجتمعنا  لازال يحرص عليها ويحترم آلآخرين على ضؤها طالما أن (كصته) أو جبينه يَعرق من فعل الردي ويتجنب المخجل فهومثال للكمال والخلق الرفيع . غاب هذا المصطلح والمفهوم من حياة الكثير من سياسي البلد بعد التغيير الذي جرى بعراقنا العزيز ولم تبقْ هذه الخصلة لديهم , قطرة الجبين جَفْت و تبددت الأخلاق الرصينة وأوهام السمعة وأحلام السلوك الحسن والمنبت الطيب iii  لوثة الجنون ,حب السلطة , اللهاث وراء السحت  أصبح ديدن الكثير في وقتنا الحالي بدليل ماأصاب الفكر بلوثة جنون أفقدها السيطرة والتحكم بأسلوب الكلام والقراروسرعة الأنفعال  والهجوم . تطالعنا الأخبار والفضائيات يوميا عن فساد المؤسسات أو الشخوص .
 بوثيقة  إدانة  تحمل تواقيعهم غير خجلا منها ناشرا ذلك على الملأ بخلاف التعليمات والأوامروالصلاحيات الممنوحة له برغم مايمربه البلد من أجراءات تقشفية صارمة  وتقليص المصروفات للعجز الحاصل في الميزانية  ومع ذلك يَصرُ على  عدم الألتزام بتنفيذها و الأذعان لمنطق العقل وسخط الجمهور والعبء الواقع على ميزان المصروفات بتعيين سكرتيرة خاصة بمبلغ مهول , والآخر يُوظف مساعدة المتضررين والنازحين نتيجة لأعمال الأرهاب والتهجيرلأنصافهم ورفع الحيف عنهم وتقليل معاناتهم لمآربه الشخصية ويتصرف بها كأنها ملك له أو من تخصيصاته أوهبة لأخوته , وآخر يتاجر بأرواح الناس بأستيراد أجهزة  كشف المتفجرات الفاسدة والمغموسة بالتآمر على الشعب لتقتل الكثير منه , وآخر يستغل منصبه في البنك المركزي العراقي لغسيل الأموال وتحويل حساباته لخارج البلد والمتاجرة بالعملة الصعبة , وآخر يضع أموال دائرته الخدمية تحت تصرف إناه وأخوة زوجته وأقاربه , والآخر يستولي على عقارات الخلق لتصل في ليلة واحدة لأثنى عشر عقار يجيرها بأسمه , والبعض يتاجر ببواخر البترول مع الصهاينة , والآخر يتاجر ببيع الوظائف والدرجات الخاصة , والكثير وضع أنفه في كل شاردة وواردة فيها رائحة المال والتجارة والمقاولات , والبعض يضع ملف فساد ل (س ) من الناس لغرض مساومته وأخذ الأتاوة منه وكبار الضباط والقادة العسكريين يستخدمون صلاحياتهم لما يسمى بالعناصر الوهمية ولايعرق جبينه  أو نلاحظ قطرة عرق خجل فيها يشعر به أو خوف يتردد منه , العودة لأدبيات المجالس واستهلام الدروس من معينها الثر بحاجة ماسة لتعيد للبعض التوازن واستذكار السلوكيات الرصينة لتعيد لهم توازن الشخصية. عرق الجبين  جف ولم يعد فيه شيء مكتوب ينبأنا بما يجري في المستقبل .