19 ديسمبر، 2024 2:03 ص

عين الزمان ..مناورات عسكرية

عين الزمان ..مناورات عسكرية

يبدو المشهد العراقي والسوري اكثر تعقيدا بعد التدخل الدولي في تحالف ضم ما يقارب 40 دولة لمقاتلة التنظيم الاجرامي داعش . ان هذا العدد من الدول المشاركة ، منها دول عظمى ، لمقاتلة عناصر تشبه الى حد بعيد عصابات تقاتل بأسلوب الكر والفر ، هنا وهناك ، تثير العديد من علامات الاستفهام.

حاول الاعلام ان يقنعنا بان العالم يشارك في هذه الحرب التي اعتبرت الدولة الاسلامية او الداعشية عدوها اللدود ، حيث يشترك ابناء جاليات عربية بجنسيات اوربية مع عناصر داعش في هذه الحرب القذرة ، اضافة الى مواطنين اصليين من بريطانيا وامريكا وفرنسا .. ويبقى الحشد الدولي غير مبرر ، ويبدو انه معنوي واعتباري اكثر منه عملياتي ، وتحريك جيوش وتحديد اهداف ومهاجمتها .. تشير الانباء الى ان طائرات بلجيكية قوامها (6) طائرات وصلت المنطقة لتقوم بمهمات في قواطع العمليات ، وفعلا قامت واحدة من هذه الطائرات الست بشن غارة على موقع تابع لداعش يوم 6 تشرين ثاني 2014 .. كما ان استراليا نفذت في هذه الاثناء اول مهمة جوية في مناطق شمال العراق .. فيما باشرت طائرات هولندية بمهمات اخرى .. اضافة الى طائرات دنماركية وكندية ، سوى الدول الرئيسة المشاركة بهذه العمليات والمتمثلة بامريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا .. فضلا عن تركيا والسعودية وقطر .

ترى ما الذي يجري .. وهل ان حجم المعارك يستوجب كل هذا الحشد..؟ ام ان هناك شيئا آخر يجري على الارضي العراقية والسورية ، يشبه الى حد بعيد ما جرى بُعيد دخول القوات الامريكية الى العراق في عام 2003 حيث فتحت الحدود مشرعة انذاك امام عناصر القاعدة لتبدأ قتالها في المدن العراقية .. وكان هدفها المعلن القوات العراقية ، وساحات معاركها المدن العراقية الامنة ، اذ قامت بتفجير آلاف السيارات والعبوات الناسفة ، ما ادى الى سقوط مئات الالاف من الضحايا ، تلك الحرب القذرة خططت لها الادارة الامريكية بعد احداث (11 سبتمبر) ، وجرت احداثها هنا في العراق بعد نيسان 2003.. وقامت القوات الامريكية فعلا بقتل العديد من قيادات وعناصر تنظيم القاعدة .. الا انها لم تقض على التنظيم ، بل انسحبت وتركت ساحة المعركة مفتوحة بين العراقيين وفلول القاعدة الذين انتشروا في مدن الغربية والموصل وصلاح الدين وديالى وبعض مناطق كركوك خاصة الحويجة والعظيم حيث وجدت الملاذ الامن .. واليوم وبعد ان توسع خطر داعش جاءت هذه القوات من كل حدب وصوب لتنقل المعركة من اوربا الى العراق .. فهي تعمل مخابراتيا على استقطاب المقاتلين الاصوليين المتشددين من بلدانها ليحطوا رحالهم في سوريا والعراق ولتبدأ المعارك وآثارها المدمرة هنا.

لذلك برر التساؤل الاهم وهو: هل ان ما يجري لمقاتلة تنظيم داعش فعلا ، ام انها مناورة عسكرية دولية ؟؟ بعد ان تعطلت الحروب في اوربا وكثير من مناطق العالم وتجددت في الشرق الاوسط .. وهناك حاجات تدريبية حقيقية لكثر من الجيوش التي لم يسبق لها ان خاضت معارك فعلية ، ما يجعلها عرضة للاختراق والانكسار امام اي طاريء ، لذلك فان الساحة العراقية السورية جاهزة لمثل هذه المناورات وقد يطول زمنها ، فامريكا ليست على عجالة من امرها ، وهي تعلن في كل يوم عن كلف مادية كبيرة لهجماتها الجوية ضد مواقع داعش بحيث حددت كلفة الهجمة الواحدة ب(7500) مليون دولار .. وحتى نقرب الصورة اكثر فان المناورات العسكرية تعني تدريبات تقوم بها قطعات عسكرية من عدة دول ، او دولة واحدة بصنوف مختلفة من الجيش لتعزيز مهاراتها الميدانية وتقوية الروابط العسكرية بين الدول المشاركة . وتستخدم فيها الذخيرة الحية احيانا.

فقد اجرت المملكة العربية السعودية قبل فترة مناورات عسكرية سمتها “سيف عبدالله ” جرت في حفر الباطن شارك فيها(130) الف جندي ، واجرت ايران وعمان مناورات عسكرية بحرية في بحر عمان اشتركت فيها مدمرة ايرانية وقاذفة صواريخ وطائرات حربية .. وجرت مناورات عسكرية في بولندا في الرابع والعشرين من شهر ايلول الماضي بمشاركة (12500 ) جندي من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وهولندا وجمهورية التشيك والمجر بالاضافة الى ليتوانيا واستونيا المحاذيتين لروسيا .

واجرت القوات المسؤولة عن الترسانة النووية الروسية مناورات في شهر ايلول الماضي 2014 شارك فيها اكثر من اربعة الاف جندي ، القوات التي اشتركت في المناورة اجرت تدريبات على التصدي لقوات غير نظامية ، وعلى اسلحة فائقة الدقة وكيفية القيام بمهام قتالية في احوال تشويش لاسلكي الكتروني .. كما جرت مناورات عسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية منتصف شهر اب الماضي اشترك فيها اكثر من (400) الف جندي امريكي وكوري جنوبي . وفي تموز 2014 اجرت الصين مناورات عسكرية بهدف تطوير القدرات القتالية والفنية لقواتها في ظروف تشبه اجواء الحرب . واخيرا جرت على الاراضي الاردنية في الثالث من حزيران الماضي 2014 مناورات عسكرية دولية اشتركت فيها 24 دولة سميت بـ( الاسد المتأهب) ، هذه مجرد امثلة لبعض المناورات العسكرية التي جرت مؤخرا ، وفي المحيط الاقليمي ، فهل يستبعد احد ان ما يجري في العراق عبارة عن مناورات عسكرية دولية لتوفير ظروف حرب مناسبة ليست فيها خسائر بقدر اكتساب قدرات قتالية خاصة في تحديد الاهداف وتدميرها .. انها محنة اذن..!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات