18 ديسمبر، 2024 5:53 م

عين اسرائيل على إيران والأخرى على السعودية

عين اسرائيل على إيران والأخرى على السعودية

اختياري لعنوان مقالتي هذه لم يأتي من فراغ وإنما جاء بعد نظرة شمولية لما لهذا الموضوع من أهمية كبيرة، إذ تعتبر إيران والسعودية بلدان مهمان على المستوى الإقليمي والدولي، ولا شك أن تعاونهما یترك تأثیراً مهماً علی المنطقة بأشملها.

 

لأن السياسة الإسرائيلية الأمريكية لا يمكنها العيش في منطقة قوية بل تريد تمزيقها وتفتيتها فقد عملت على إشاعة الفوضى والإنقسام بين أبناء الشعب العربي ليشعر كل طرف بحاجته إلى دعم الغرب له.

 

واليوم بعد سنوات عديدة من التوتر بين ايران والسعودية، توصلتا إلى إتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، ومعالجة كل القضايا المتفق عليها مسبقاً، وإزاء هذه الخطوة التي طال إنتظارها صبت إسرائيل جام غضبها على هذا الإتفاق، فعودة العلاقات السعودية الإيرانية ضربة قوية لإسرائيل وحلفاؤها التي تسعى دائماً على مواجهة إيران وبناء تكتل إقليمي دولي لمحاربة ايران وحلفاؤها في المنطقة.

 

فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن أمريكا لا تريد أن يكون هناك تقارب إيراني- سعودي بل ترغب أن تستمر العداوة حتى تبقى المنطقة مشتعلة وتستمر في إستغلال الدول العربية عبر بيعها الأسلحة وإستنفاذ ثرواتها، فلو لم يكن هناك صراع لن يكون هناك بيع أسلحة من قبل واشنطن، وبالتالي هي تدرك تماماً بان كل من إيران والسعودية يمكن أن يؤديا دوراً تاريخياً في المنطقة من خلال حل الأزمات والمشكلات التي تتعرض لها المنطقة.

 

إن تغير وتيرة التصريحات بين الرياض وطهران لم يأت بشكل عفوي بل جاء نتيجة قراءة دقيقة لتطورات المنطقة من قبل الطرفين، ربما يكون رغبة من الإيرانيين في إخراج بلدهم من عزلته الدولية وتدهور علاقاتهم مع أمريكا والغرب والتي تزامنت مع تطورات حل الأزمة السورية.

 

وبالتالي فإن هذا التقارب الحذر بين إيران والسعودية، أثار بالتأكيد شكوك إسرائيل، فكانت الحكومة الإسرائيلية على حذر سريع من متابعة إيران تخصيب المزيد من اليورانيوم.

ويبدو أن إسرائيل أجرت اتصالات مع الولايات المتحدة الامريكية بهذا الشأن، وهو ما دعاها الى طمأنة إسرائيل من أن أي تقارب بين الرياض وطهران لن يغير في الموقف الأمريكي الحالي.

 

بالتأكيد إن السياسة الإيرانية المعتدلة هي التي شجعت الرياض للتقرب من طهران، كما أن الرئيس الإيراني بالنسبة للسعودية يمثل الأمل الجديد للتوصل الى حل دبلوماسي لكل القضايا المعلقة، إذ تحاول إيران بناء الثقة بين البلدين، ومن مصلحة السعودية أن تعيد علاقاتها مع إيران كونها تعتبر من أهم وأكبر الدول الإقليمية في المنطقة، ورقماً صعباً في معظم الملفات الإقليمية والدولية.

 

لا يخفى على احد أن لدى إسرائيل رغبة في التخلص من إيران وفي القيام بضربة جوية خاطفة للمواقع الإيرانية و لكن المخاوف من عواقب الضربة واستحالة شطب البرنامج النووي الإيراني تلجمان تلك الرغبة، فإسرائيل غير قادرة عسكرياً على خوض حرب بمفردها وهي بالتالي تتكل على المؤازرة الأميركية، بينما الولايات المتحدة غارقة في المستنقع السوري والعراقي والباكستاني، ناهيك عن الرأي العام الداخلي في ظل الضائقة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها الشعب الأميركي، فالهدف من التلويح الإسرائيلي بضرب إيران مقصده حشد التأييد لفرض عقوبات جديدة ضد إيران.

 

إن ما سبق ذكره يؤكد حاجة البلدين إلى آليات تساعد على تحديد الأسس أو الأرضية المشتركة التي يمكنها من خلالها رسم صورة لمستقبل العلاقات الإيرانية السعودية في ضوء المعطيات الراهنة للوصل إلى أقرب نقطة ممكنة للحد من القيود والضغوط الإقليمية والدولية اللذان تتعرضان لهما في ظل هذه التحديات المختلفة.

 

وأخيراً، أمام هذا الواقع لا بد من صحوة الضمير من قبل الشعوب العربية والإسلامية وأن تعي خطورة ما تقوم به الدول الاستعمارية من أهداف سعياً لتعزيز أمن إسرائيل والسيطرة على مقدرات البلاد، ويجب إدراك المصلحة الحقيقة للأمة العربية والإسلامية وعزل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من أن تكون اللاعب الرئيسي أو الفرعي في تقرير مصير الصراع ومآلاته.

 

[email protected]