23 ديسمبر، 2024 4:38 م

عيش الشتات وتصفية الحسابات

عيش الشتات وتصفية الحسابات

من الطبيعي والبديهي ان تحصل تصفية حسابات بين الأحزاب المتخاصمة والمتصارعة على الظفر بكرسي السلطة حين يحضى احدها به ويحرم الآخرون منه  وقد روى لي احد الإخوة حادثة  حصلت أمامه مؤخرا حين جاءت مجموعة من المسلحين الى دار أحد ضباط الشرطة وعمدت على تلغيمه إيذانا بتفجيره وجعله ركاما كأن لم يكن  يقول هذا الرجل توسلت قائد هذه المجموعة بالعدول عن هذا الأمر إكراما لوجه الله وعائلته المسكينة فأجابني هذا المسلح: لو كنت تعلم ما فعله بي أثناء التحقيق وحجم التعذيب وقد توسلت به كثيرا لكنه أبى إلا أن يؤذيني ويجبرني على الادلاء باعترافات لا أساس لها من الصحة فهؤلاء يا عم أناس مجرمون استغلو السلطة وقد آن اوان حسابهم وعليهم ان يجنو اليوم ما زرعته أيديهم . انجز المسلحون مهمتهم  ونفذ التفجير فأصبح الدار قاعا صفصفا . اذا هي تصفية حسابات مسلحين متهمين بالإرهاب  وكانو في الشتات مع ضباط كانو في يوم ما في موقع المسئولية (مكاتب مكافحة الارهاب) وقد آذو وعذبو وربما ابتزو هؤلاء بالمال, فاصبحو الآن في الشتات  مطلوبين مطاردين اي ان العملية انعكست فاصبح الطالب مطلوبا . الأمور تبدو طبيعية وقد كانت قبل ذلك طبيعية ايضا حين كان البعثيون في سدة السلطة و نافسهم حزب الدعوة عليها وتآمر على نظامهم وتعاون مع إيران الشاه ومن بعد مع حكومة الملالي, أصبح كل أعضائه مطلوبين ومطاردين وحتى ذويهم لم يسلمو من المضايقة والمسائلة  فسجن منهم من سجن وقتل من قتل وفر من فر ليصبحو في غياهب الشتات.
 ولا يزال الأمر طبيعيا ومقبولا نوعما لانها وحسب ما يدعي أهل الِشأن وما انفكو يبررون: “الدواعي الامنية للنظام”  لكن السؤال الذي يطرح نفسه الان وبشدة  ما ذنب المدنيون والذين يعدون بمئات الالاف من سكان مدن الفلوجة والرمادي ليعيشو الشتات ويذوقو كل هذا الذل والهوان بعد ان أصبحت مناطقهم ساحات حربية للتصفيات السياسية  بعد ان كانو آمنين مطمأنين في  بيوتهم وهم لم  يتورطو  قط بما تدعيه الحكومة في قضايا الإرهاب ولم يتآمرو على امن الدولة ولم ينافسو احد على منصب أو كرسي وليسو مطلوبين لاحد انهم اناس مسالمون طيبون فحسب وان من دواعي الأمن ان تتوقف الدولة عن أعمالها العسكرية في هاتين المدينتين لانها لم تسفر عن شيء بل أججت النقمة عليها وزادت الطين بلة . لذا نحن ندعو الفرقاء المتخاصمين ان يحكمو ضمائرهم ويتقو الله في  هؤلاء الناس فيحسموا أمرهم في وضع حد لهذه المأساة  بإيجاد حل لهذه المشكلة والذي نراه ويراه أمثالنا من العقلاء, دعوة المسلحين لمغادرة هاتين المدينتين وترك أمرهما للخيرين من اهلهما لكي يعيدو الامن والسلام والخدمات لها تمهيدا لاستئناف الحياة الطبيعية وفي الوقت نفسه ندعو الجيش الحكومي لإيقاف القصف عليها ودفع التعويضات اللازمة للمواطنين الذين تضررت منازلهم ومصالحهم جراء هذه العمليات العسكرية وكذلك ضمان عدم تكرار هذا الأمر في مدن أخرى . ان بناء الأوطان وبسط الامن ايها السادة لن يكون مطلقا من خلال استخدام القوة والانتقام وتصفية الحسابات بل يكون بالحوار والتسامح والعفو عند المقدرة والاسلام الذي تدعونه وتتشدقون بالانتماء اليه رحمة وتسامحا ولم ولن يكون نقمة وانتقاما واعلم ايها الحاكم والمسئول أنك سبق لك ان عشت الشتات وربما تعيشه مرة أخرى وأنها لو دامت لغيرك ما وصلت اليك .
 
الحكومة العراقية  وازدواجية ممارسة الارهاب ومكافحته

 لا يوجد انسان سوي على وجه البسيطة لا يشجب الارهاب ويقف مع مكافحته لكن الملفت للنظر والمثير للاستغراب  استماتة الحكومة العراقية لاستضافة المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب وتخصيصها ملايين الدولارات للانفاق على هذا المؤتمر في وقت تشن فيه الحملات العسكرية المحمومة لإرهاب سكان الانبار الآمنين  وترويعهم وتشريدهم بالقصف المدفعي  واغلاق الطرق يثير العديد من التساؤلات عن جدية الحكومة وازدواجيتها  في مكافحة الإرهاب من جهة  وممارسته من جهة اخرى, فأي إرهاب يفوق إرهاب وترويع مئات الألوف  من السكان الآمنين لمدينتي الفلوجه والرمادي وإجبارهم على ترك بيوتهم؟  لشيء اقترفوه الا لانهم خرجو باعتصامات سلمية وحضارية مطالبين بحقوق يقرها الدستور وكل الشرائع الارضية والسماوية.  أهو تضليل الرأي العام العالمي عما يدور في الأنبار وصرف الأنظار عن حقيقة ما يجري في العراق؟ أم هي محاولة البحث عن دور إقليمي ودولي لهذه الحكومة يحفظ لها القليل من ماء الوجه ؟ في خضم حملتها الاعلامية  المحمومة  للتحضير للانتخابات بعد أن فقدته ومعه دورها الحقيقي في إدارة الملفات الأمنية والاقتصادية والسياسية داخل العراق بعد أن عمدت فعليا الى إقصاء واستعداء كل الشركاء فيما يسمى بالعملية السياسية.
لا يفوت اي مراقب و متتبع منصف للأوضاع في العراق أن يتوصل الى ما توصلنا اليه آنفا وان هذه الحكومة قد فشلت في ادارة دفة هذه البلاد وان هيمنتها المفضوحة على السلطات التنفيذية والقضائية والإعلامية وتعطيلها الفعلي للسلطة التشريعية (البرلمان) كما أن فشلها في ادارة الملف الأمني وعدم السماح لبقية الكتل بالمشاركة فيه واعتمادها على قيادات فاسدة  ومرتشية ومن ارباب السوابق  ( اختلاس وفساد اخلاقي ) وضعف الأجهزة الرقابية عليهم وعدم السماح باستدعائهم او مسائلتهم أمام البرلمان في كثير من الإخفاقات الأمنية والتي لا يمر اسبوعا أو يوما الا ونسمع بها أو نعيشها وعلى طول مساحة العراق وعرضها وأبرزها وليس آخرها فضيحة هروب السجناء من سجن ابو غريب وثبوت تورط قادة الأجهزة الامنية وتواطئهم بها وآخرها ما حدث في سيطرة مدخل الحلة قبل يومين وظروف وملابسات القضية يوجه أصابع الاتهام وبما لا يقبل الشك الى الأجهزة الامنية ومن هذه الملابسات ورود بلاغ  من وزارة الداخلية الى السيطرة المعنية  في نفس اليوم يفيد بقدوم موكب الوكيل الاقدم عدنان الاسدي الى الحلة مما سبب التشدد والارباك بالتفتيش وبالتالي ازدحام هذه السيطرة بالناس مما أعطى  الفرصة للإرهابيين بقتل اكثر عدد من الناس وهذا ماحصل فعلا وكالعادة  تحصد العشرات من أرواح الابرياء ويغلق التحقيق لعدم كفاية الادلة وتبقى الشكوك وعلامات الاستفهام بلا جواب. وكالعادة تقوم الحكومة ممثلة بريئسها المالكي برمي فشلها  باتهام الفلوجة والرمادي وساحات الاعتصام متناسية حالة التطويق التي تفرضه قواتها على هاتين المدينتين ومتغابية عما ينجم عن هذه الاتهامات من إثارة للفتنة الطائفية والتشجنات.
ان حكومة بهذه المواصفات واجهزة امنية بهذه الممارسات غير جديرة بالثقة لمكافحة الإرهاب وعقد مثل هذه المؤتمرات  كونها هي المتهم الاول بتبني الارهاب وتصديره في المنطقة وغض الطرف عنه وما الازدواجية المفضوحة  بمكافحة الارهاب والتشكي منه واتهام الآخرين  بدعمه وارسال مقاتلين الى سوريه والعراق من جهة بينما تغض النظر عن تواجد فيلق القدس الايراني والميليشيات الطائفية على اراضيها ودعم المقاتلين العراقيين واللبنانيين علنا للقتال الى جانب النظام السوري وتسهيل عبور الاسلحة  اليه من جهة اخرى الا مثال صارخ على سوء النية وفساد السريه  وما مطلب نائب وزير الخارجية الامريكي من الحكومة العراقية هذا اليوم بسحب مقاتليها من سوريه الا شاهد لما ذهبنا اليه .           ولهذا فاننا نرى بان هذا المؤتمر ليس الا خلطا للأوراق وتضليل إعلامي مفضوح وذر للرماد في عيون الرأي العام العالمي والأوربي منه خاصة بعد افتضاح أمر الانتفاضة الشعبية العراقية  والحرب المفتوحة التي تشنها الحكومة المارقة لإجهاضها .