19 ديسمبر، 2024 12:14 ص

عيد جمهورية اتاتورك .. الخسارة الكبرى التي يظنها الشعب نصرا

عيد جمهورية اتاتورك .. الخسارة الكبرى التي يظنها الشعب نصرا

“Savaş ölünce değil, düşmana benzeyince kaybedilir.”
يمكن لك اذا كنت باحثا في العلاقات الدولية والشان السياسي او الجيوسياسي تحديدا ان تلاحظ ان وضع تركيا -البلاد الاوربية-الاسيوية هو اعقد وضع في العالم تقريبا واكثره تشابكا ، اذ أثر الموقع الجغرافي والخلفية الاجتماعية والدينية على الثقافة والقيم الشعبية المشتركة بين اوربيين علمانيين واسلاميين عثمانيين. ثم حقد ومؤامرات الجيران الخارجية ،وجعلت من هذا البلد مشوشا منقسما على نفسه ثقافيا وفكريا رغم اتحاده وقوته قديما وبوادر قوته الحاضرة.
الاوربيون ازعجهم واقلقهم اعتناق ابناء قارتهم وجارهم -والمتحكم باكثر البحار دفئا واكثر الممرات المائية حيوية واسطع الاراضي شمسا واكثر الحدود طولا -اعتناقه للاسلام “دين العرب العباسيين والاندلسيين المرعب” .
الترك اقوياء شرسون مقاتلون اشداء دون الاسلام ، فكيف وقد اسلموا وجعلوا سيوفهم واراضيهم المترامية الجبال والسهول في خدمة الدين “العدو” .
لذا انطلقت واستمرت المؤامرات ولن تتوقف ، واكبر مؤامرة واغربها نجاحا هي خدعة الجمهورية والبطل الوهمي اتاتورك . اتاتورك هذا كان اخطر واكثر تاثيرا ونفعا لأعداء المسلمين من جمال عبد الناصر وان كانا من نفس الصناعة والفكرة (راجع مقالي -الغرب وصناعة الابطال الوهميين).
هذا الرجل كان المختار لديهم بعد ان عجزوا-اثر عجز الامبراطورية العثمانية- عن اعادة الاتراك الى حاضنتهم الاوربية وقيمهم واخلاقهم ، فقد ذهب الترك بعيدا جدا مع الاسلام حتى تزعموه واعزوه وقادوه فأعزهم وتسيدوا العالم به لستة قرون او يزيد ، فكان لابد من خلق شرخ اجتماعي وعقائدي كبير ومهم بين قيم الترك الاسلامية وميولهم العربية من جهة وبين حاضر مختلف اريد له ان يكون من جهة اخرى
فكان لابد من ،،
اولا : محو فكرة (ان العزة بالاسلام) ، فعاونوه على دحر الامبراطورية العثمانية من الداخل وخياتتها كعسكري تابع لها وتربى فيها ، واظهروا للاجيال الجديدة من شعبه والمتطلعة للتغيير المدني الذي حصل في اوربا وحياة الترفيه ، ان هذا الرجل ينتصر ويحرر اراض هو في الاصل قد وافق على تسليم اغلبها لهم اتفاقا واحتفظ بحدود داخلية ضيقة، حتى جعلوا تحرير ازمير التركية التي قبل البحر نصرا بعد ان كانت بلغاريا واليونان وحتى جزء من روسيا وغيرها من اراض وراء البحر تحت السيطرة التركية ، وتجبى لهم بقية اموال العالم!
ثانيا: فصل الارتباط الوثيق بين لغة القران والدين (العربية) وبين الثقافة التركية والتي عززها العثمانيون لدرجة اذابة ثقافتهم لصالح ثقافة العرب المسلمين وقيمهم. فنفذ الغرب خطة لم تخطر على بال شيطان ، وهي تغيير اللغة عن طريق منع الحرف العربي واستبداله بلاتيني (راجع مقالي- الخطوة الشيطانية الاكبر في تاريخ اللغات).
ثالثا: اتهام الاسلام بانه سبب البلاء بعد خلق مؤامرات ومشاكل داخلية نسبت للاسلام ثم اظهر اتاتورك على انه المخلص فبدا يبطش باركان الاسلام في المجتمع لعقود حتى وصل به الامر منع تحفيظ القران وحبس معلميه وقتل المشايخ وتحويل الاذان للغة التركية وتحويل المساجد لاسطبلات خيل بعذر المجهود الحربي ، او النهضة الجديدة.
رابعا واخيرا: تصوير مصطفى كمال على انه بطل قومي وسموه (اتاتورك اي ابو الاتراك) وصدق الناس ذلك كما صدق العرب ان عبد الناصر ابو القومية العربية ، رغم طعن اتاتورك بالدين التركي والقومية وتوقيعه على تسليم الاراضي والممتلكات ، وجعلوا كل قوانينه لدى السذج والطامحين للانفلات انتصارات وتقدم ، واولها فرض الفساد الاخلاقي دستوريا (كاول دستور من نوعه في العالم) وتشريع سيطرة النساء على المجتمع ، وتغليب الخلاعة والعري والفجور بقوانين ، وحماية الشواذ . اضافة الى توقيعه على منع الصناعة او المناجم او الاستكشافات على الاراضي التركية وتحريم استغلال شعبه لموارده ومياهه ل 100 عام ستنتهي بعد عامين.
بدا الغرب حملة متناسقة وكبيرة ومستمرة لاظهار هذا الرجل وفريقه كابطال ومنقذين بدلا من كونهم خونة ومتآمرين ومخربين لمجتمع كامل وسلخه من هويته ودينه ولغته ليكون لقمة سائغة بايديهم ،،وقد كان.
استمرت التربية العلمانية “الممنهجة” دون قدرة على المقاومة فكل شيء تحت سيطرة القائد المتماهي مع اعداء بلده ، وتحت امرة العسكر المؤتمر بامر من اصبح سلاحه منهم وتمويله . و اوصلوا تركيا بواسطة تشجيع الملذات والتحرر الكامل وانفلات المراهقين والنساء كما شاؤوا وتدريس اتاتورك في الكتب المدرسية على انه رمز كل شيء وكل رخاء ، وهو رمز كل بلاء ، فاوصلوها الى دولة بلا قيمة.
حتى بلغ الامر ان اقاموا له معبدا ومرقدا يزار في قلب انقرة وعلى اكبر مساحة فيها ويحرسه الغرب ليل نهار ويتوجه اليه كل سفرائهم ورؤسائهم الزائرين . كما يزوره اطفال المدارس وطلاب الجامعات طلبا لتمجيده ورضاه ميتا.
وبعد ان بدا الاسلاميون يعودون تدريجيا من اوزال واربكان واخيرا اردوغان ويتغلبون على العسكر بعد ان اعدموا مندريس في التجربة السابقة، كانت لعبة القط والفار بين نصف الشعب العلماني والنصف المسلم ، والغرب الداعم للفساد والحكومة المحاولة للاصلاح على اشدها ، ولما اسقط في ايديهم بعض الاحيان كما حدث في ايا صوفيا ، قال الغرب علنا: “اذا تم المساس بمعبد اتاتورك ومرقده سنحارب” !
ومازال الاسلاميون يناورون مااستطاعوا تجنبا للحرب والخراب فيقدمون خطوتين ويؤخرون خطوة الى ان يتمكنوا يوما من تحطيم هيكله ومعبده وتمثاله ، وتاسيس جمهورية حقيقية ، ولعل ذلك قريب.
ومازال الاتراك العموم يحتفلون بعيده ومولده الى اول امس ، منهم مجبربن ومنهم منتظرين ومنهم مازالوا منساقين مغيبين مختارين .
“Düşmanlarımız bizimle kendilerine benzetmek için savaştı. Biz de onları, onlara benzeyebilmek için yendik.”
Mustafa armağan
وكل عام وتركيا بخير .