23 ديسمبر، 2024 8:50 ص

عيد بأية حال عدت يا عيد النار تلتهم الوجدان العراقي

عيد بأية حال عدت يا عيد النار تلتهم الوجدان العراقي

فاجعة الكرادة، فاقت حبال الكلام، التي نتمسك بأهدابها مطنبين القول بلاغة، إذ جاء في إحدى روايات إرنست همنغواي: “عبدة باع سيدها وليدها، فلم تبكِ لأن الرصاصة نفذت الى سويداء القلب، ولم تعد ثمة جدوى للتعابير”.
ومصيبة الكرادة واحدة في سلسلة من الفجائع، التي تدل على سدادة الحق ودهاء الباطل، فذبح الحسين.. عليه السلام، تحول نصرا، والأيام دول!
لا يكفي أن نتعزى بالقول، أنهم شهداء خالدون في رحاب الجنة، لكننا نؤكد على أن الكرادة ستكون القاصمة لظهر الإرهاب، الذي فقد عمقه الستراتيجي في الفلوجة المحررة والموصل المحاصرة، وتنصل الارادات الدولية، التي كانت تغذيه، مراهنة عليه.
نعم.. لا يكفي العزاء خلودا، لكنهم خالدون، وتلك قضية تجري في طبقات السماء.. فوقنا وتحت عرش الله.. جل جلاله، لكن نحن الماكثون هنا.. على الأرض، ماذا يتوجب علينا فعله؛ كي نقطع “دابر الفتنة”.
التحقيقات التقليدية والتظاهرات التي تشغل ساحة التحرير وتوسخ قنفة مجلس النواب، كلها لا تداوي جرحا ولا توقف نزيف مكلوم او حزن ثاكلة وألم أرملة ومصيبة أيتام.
لن أسترسل في التهدجات العبرى، وحرارة الدموع، فأي وصف لغوي لن يصل الى بلاغة المشاهد التي تداولها الوجدان العراقي، وهو تلتهمه النار، بلا رحمة..فمنظر النار العابرة الى “عنان” السماء، فوق العمارات المتقابلة.. كأن القيامة قامت “يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى…”.
وفنانو الفوتوغراف يتباهون بكون الصورة تغني عن ألف كلمة، وصور الكرادة أغنت عن مليار صرخة، غاضت في النيران الملتهبة.. المشهد كان كابوسا لمن يراه في الفيديوهات والصور، فكيف بمن عاشه!؟   
قيلت من قبل بلا جدوى، ونجد في تكرارِها حقاً، عل الحقَ يأخذ سبيله الى واقع الإنجاز: – ما هي السبل الكفيلة بترجمة النتائج الى إجراءات ميدانية، تمنع تكرار الجريمة ومثيلاتها، متحوطين لكل الإحتمالات، أم أن الأمر لا يخص أحدا وعلى الشعب ان يقدم ثرواته رواتب لجماعة لا تؤدي واجباتها.
الكل تحت طائلة الحساب، لا أبرئ احدا، ولا حاجة لتحقيقات، فلا يوجد سر مدخر؛ كي يكشف.. “داعش” تقدم على جرائمها علنا، من حساب لقوى أو أمن أو عسكر، بالمقابل القوات النظيرة لها، يفترض بها ان تكون فائقة التدريب.. فكريا من حيث الخطط والتحوطات وعضليا من حيث القدرة على دقة الاداء، والجيش والشرطة الموجودان.. لا من هذا ولا من ذاك.. قادة ومراتب.
إذن يتوجب أن يعاد النظر بمنظومة السلطات الامنية والاقتصادية والخدمية؛ لأن كل شيء في العراق خراب، فتلك الجريمة ستشل حتى حركة السوق والتبضع وجلسات الشباب في الكافيهات وسواها من شؤون الحياة، في العراق، الذي لم يعد على أرصفته مأمن للسابلة.