19 ديسمبر، 2024 12:24 ص

عيد المفخخات العراقي

عيد المفخخات العراقي

شهد شهر رمضان المبارك اعنف الهجمات الارهابية واكثرها اراقة للدماء واجرأها تحديا للسلطة الامنية بحيث كان عدد الضحايا هو الاكبر قياسا بباقي الشهور وكان اقتحام سجني التاجي وابي غريب وتهريب الارهابيين هو الاخطر .
وتتناقل المواقع تصريحات لمسؤولين امنيين بان الارهابيين يخططون للقيام باعمال ارهابية خلال ايام العيد السعيد والذي يبدو انه ما كان  ولن يكون سعيدا على العراقيين من دون خلق الله !.
اذ دأبت شعوب العالم المتحضر المرفهة.. “البطرانة”!، على اختلاق الأعياد ومناسبات الفرح والابتهاج وابتكارها ابتكارا. لذلك نراهم على مدار السنة مستعدين ومتهيئين لإحياء تلك الأعياد موظفين الأموال الطائلة ومجندين الطاقات والمواهب لإظهارها بما يليق وعلى الصعيدين الرسمي والشعبي، حتى ان أصحاب المتاجر الغذائية والسلعية ومقدمي الخدمات السياحية والترفيهية ينتهزون هذه الفرصة لا ليعبروا عن مضاعفة جشعهم كما يفعل نظراؤهم عندنا في رمضان وأعياد الميلاد ورأس السنة، وموسم الشتاء وباعة النفط.. وموسم الصيف وباعة الثلج، وموسم الحج وباعة الخراف وأيام منع التجوال وشرطة المرور.. وأيام التفجيرات وحفّار القبور!.
كلا.. فإن اولئك “البطرانين” يعبرون عن مشاركتهم في فرحة العيد بإعلان تخفيض كبير في الأسعار لكافة السلع والخدمات وإلا فسيصبح صاحب المتجر أو مقدم الخدمة مثار سخرية ولا يعد من المساهمين في فرحة العيد!.
وبدءا بعيد الحب.. وعيد الورود.. وعيد الكلاب.. وإطلاق الثيران.. وتحطيم الأجهزة القديمة والسيارات والساعات.. ورش الماء.. و”فعص الطماطة” وعيد “Halloween ” للرعب الاصطناعي!، “على فكرة.. لماذا لا يأتون عندنا ليمارسوا الرعب مع عزرائيل بحق وحقيقي؟!”. ناهيك عن عيد الأم وعيد العمال وعيد الطفولة والمعلم وما شابه.. وكلها أعياد لا ترتبط بمناسبة دينية أو عقائدية، ولا تمتد الى أعماق الوجود الإنساني، كما انها لا تحاط بقدسية ربانية ولا ينسحب على الالتزام بها أو تركها تكليف شرعي.
وبالمقارنة مع أعيادنا الشرقية خاصة عيد الميلاد وعيد القيامة المجيدين وعيد الفطر وعيد الأضحى المباركين، لا نجد أدنى وجه للمقارنة.. ولا أبسط شكل للمشابهة!، وشتان بين احتفائنا واحتفالنا بأعيادنا مع عظم قداستها وبين مهرجاناتهم واحتفالاتهم بأعيادهم.. مع بساطتها!.
ليتنا اكتفينا ورضينا بتسويف أهلنا يوم كنا نطالبهم بملابس وألعاب جديدة للعيد فيعللوننا بالآمال: “كل أيام الله عيد” فنضحك من معاذيرهم التي ألفناها وتعودنا سماعها كل عيد، ولم ندر انهم يتحرقون حسرة بسبب ضيق ذات اليد والعوز الذي لازمهم وصحبهم الى قبورهم.. وجشع تجار المناسبات الذين حرموهم من إشعارنا بفرحة العيد.
وكبرنا.. فصرنا نترحم على أهلنا كل عيد.. فقد دار الزمان دورته وكما تدين تدان.. رحنا نتلقى ضحكات أبنائنا ونسائنا بعدما أنسيناهم حتى طعم “كليجة العيد”.. وابتكرنا لهم معزوفة جديدة: “إن شاء الله على العيد الجاي تستقر الأمور” حيث لا نجرؤ على قول: “كل أيام الله عيد”.. مخافة ان ينفجروا ساخطين مرددين.. “كل أيام الله مفخخات”!!.