ليلة العيد هي فرحة العيد ، وبداية العيد ، الذي ينتظره المسلمون بشوق وفرح كل عام مرتين ، يهل علينا عيد الفطر بعد إتمام شهر الصيام ثم تأتي بعده فرحة عيد الأضحي المبارك ، ودائما تتجدد سعادة المسلمين بأعيادهم الإسلامية ، التي يمن الله بها عليهم كي يتحابوا ويتزاورا ، فيتصالحوا ، ويصلحوا ذات بينهم ، حتي تتساقط الأوزار والسيئات بمصافحة المسلم لأخيه المسلم ، ويا لعظمة الإسلام الحنيف ، أنه بمجرد أن تبتسم في وجه أخيك المسلم فهي صدقة كما أخبرنا معني حديث الرسول الكريم ، فما بالك بحجم الثواب الذي يناله المسلمون عندما يتزاورون، ويهنئون بعضهم البعض بتلك المناسبات الدينية المتمثلة في أعيادهم المباركة.
ينقضي شهر رمضان ، وتشاهد جموع المسلمون لايزالون في دعاء وتقرب إلي الله أن يتقبل منهم صيام وقيام وزكاة وعبادات الشهر الفضيل ، ثم تأتي ليلة العيد لتُسعد القلوب ، ويفرح المسلمون بقدومها وإتمام صيامهم علي خير، وتجد الجميع يستخدمون هواتفهم للاتصال وإرسال الرسائل للتهنئة بحلول عيد الفطر بعد رحلة صيام كلها خير وثواب وصحة للأبدان ، الكل يبارك قدوم العيد .
الأطفال فرحون بإرتداء ملابس العيد الجديدة في أول أيام العيد ، الرجال في أبهي زينة ، والنساء ذهبن محتشمات في ثيابهن كي يشهدن ويصلين العيد ، يجلس الأطفال بجوار الكبار قبيل صلاة العيد يكبرون يهللون يقلدون أهليهم في تلك السنَة العظيمة والعبادة الربانية ، الجميع منشغل بذكر الله والتكبير والتسليم علي حضرة رسول الله وأهله وأصحابه وأنصاره وزوجاته وذرياته ، صوت المكبرون يعلو ويرتفع في كل المساجد وفي الأراضي الخلاء .. دقائق بعدها وتُقام صلاة العيد ، سبع تكبيرات في الركعه الأولي ويتخللها ذكر الله ، ثم خمس تكبيرات في الركعة الثانية يذكر فيها المصلون الله كثيراً ، ثم يسلم الإمام وتنتهي الصلاة ، ثم يقوم الإمام
ويخطب في المصلين ، حامداً الله علي نعمة الصيام ، وواعظاً الناس بضرورة نبذ الخصام بينهم ، والمسارعة نحو الصلح الذي هو خير ، ويهنئ الجالسون أمامه بالعيد المبارك ثم يدعو للمسلمين بالخير ، وبعدها وينتهي الخطيب من خطبته .
كنت تعودت أن أصلي العيد بمسقط رأسي بقرية الرمالي بقويسنا ، أحياناً أُصلي مع الأهل والجيران بمسجد آل عزام المجاور لبيتي ، وأحياناً أُصلي مع الجموع الغفيرة في الخلاء الواسع بساحة ملعب القرية ، كنا ننتهي من صلاة العيد ، ثم نقف صفاً طويلاً ، كل فرد يسلم علي أخيه المُسلم ويهنئه قائلاً ” كل سنة وأنت طيب ” ويرد عليه ” وأنت بالصحة والسلامة ” ثم يقف بجوار أخيه ، ويأتي مهنئ ثاني ثم ثالث ويتبعهم أعداد كبيرة من المصلين ، ويصطفون حتي آخر مهنئ بمكان صلاة العيد ، وبعدها تقف كل مجموعة تتحدث إلي بعضها ، ضاحكين مازحين مبتسمين ، تجدد في داخلهم ذكريات الطفولة والصبا والشباب ، وتراقب كل مغترب وقد رجع من غُربته ، لكي يحتفل بالعيد في بلدته ووسط أهله وناسه وأخلائه .
ينصرف البعض ، في طريقه لزيارة المقابر ، وإن كان هناك كراهه بزيارتها في ذلك اليوم السعيد حتي لا تتجدد الأحزان لدي الأحياء وسط معسكر الموتي – رحمهم الله برحمته الواسعه – والبعض الآخر يعود لبيته ليكمل إفطاره ويستريح قليلاً ، ثم يتجدد التزاور بين أهالي البلده ، الكل يحاول يتناسي زعل الآخرين ، فالصلح خير ولازماً في يوم العيد ، الناس تقصد بيوت بعضها لإلقام السلام والتهنئة بالعيد ، في يوم مبارك كله حسنات وطاعات وأفراح بقدوم عيد الفطر الذي يفرح به كل صائم فَرِح بصومه ، واليوم تجد القلوب في حالة فرح حقيقي ، يتجدد بمصافحة كل مسلم لجاره وصاحبه وأخيه في الله ، لا يبتغي إلا مرضاة الرحمن ، فيارب لا تحرمنا فرحة الأعياد ، ونعمة التزاور ، وصلة الأرحام ، التي بها تُبسط الأرزاق وتطول الأعمار ، وترضي ربنا العزيز الغفار.