يحتفل المسلمون الشيعة في الثامن عشر من ذي الحجة بعيد الغدير، وهو اليوم الذي قام فيه الرسول الأعظم (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) بتنصيب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أميرا للمؤمنين، وهو العيد الرابع للمسلين الشيعة؛ بعد العيدين ويوم الجمعة.
لكن لماذا تنصيب علي بن أبي طالب أميرا للمؤمنين؟ ما هي الخاصية أو الفضائل التي يمتاز بها عن بقية المسلمين الأولين؟ هل هي شجاعته في القتال، أم إيمانه الكبير برب العالمين، أم هناك أسباب أخرى يجب معرفتها في هذا الرجل، الذي قل أن تجود به الإنسانية بعد الرسول الأعظم؟.
قد تكون هذه الأسباب مجتمعة في أمير المؤمنين، هي التي أهلته لأن ينال هذه المكانة من رب العالمين، والتي قام بتبليغها للناس يوم الغدير الرسول الخاتم (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم)، بالإضافة الى أسباب أخرى كثيرة.
يتمتع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بصفات كثيرة، منها ما تقدم؛ ومنها أنه يشعر بانه أبو هذه الأمة المرحومة، ومن هنا فإن واجب الأبوة يفرض عليه أن يباشر جميع أولاده ويحنو عليهم، ويسد نقص عائلهم؛ ويوجه المخطئ الى الصواب من القول والفعل، وهو ما وصلنا عن سيرته طيلة حكم الخلفاء الراشدين الذين سبقوه في حكم الدولة الإسلامية، حتى أن الخليفة الثاني كان يردد (( لا جلست لمعضلة ليس لها أبو الحسن))، الأمر الذي يوضح أنه كان عارفا مطلعا على الأحكام عن المشكلات التي تحصل حتى قبل حدوثها، وقد يقول قائل أن هذا كلام فيه غلو، في الوقت أنها الحقيقة الناصعة التي يعترف بها المخالفون لديننا الحنيف قبل أن نعترف بها نحن المسلمين.
لقد أراد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من خلال نهجه مع الخلفاء الراشدين خاصة، ومع المسلمين عامة، تحقيق جملة من الأهداف؛ لعل أهمها هو إبعاد الشبهة عنه كحاكم إسلامي، هذا إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار منتقديه والذين ينكرون عليه مناقبه التي ملأت الخافقين، بالإضافة الى أن ينبه الحكام المسلمين الى مسؤولياتهم الجسمية تجاه الرعية، والتخفيف من الفقر الذي يعيشه الناس، و تأمين العيش الكريم لهم.
أهم شيء حاول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) التنبيه إليه هو، أن القيادة لا تعني الجلوس في برج عاجي، والنظر الى الجيش من خلال هذا البرج، ومن ثم فإن تحقيق النصر على الأعداء لا يكون إلا من خلال شحذ الهمم والوقوف مع المقاتلين في الصف الأول لمحاربة الأعداء.
هذا الشيء لاحظناه جليا من خلال فتوى المرجعية الدينية الرشيدة، عندما أصدرت فتواها بالجهاد الكفائي، والتي إنطلق رجال الدين المعممين (سادة وشيوخ) للقتال في ساحات الوغى، لمواجهة شلة من القتلة واللصوص، الذين يحاولون النيل من أرض ومقدسات العراقيين، وبذلك أثبت رجال الدين أنهم بحق مصداق لأفعال أميرهم الإمام علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) قولا وفعلا، من خلال تواجدهم في جبهات القتال مع أبناء الحشد الشعبي، الذين إمتثلوا لأمر المرجعية الدينية، ووقفوا سدا منيعا في وجه طواغيت العصر