تتعرض نقابة الصحفيين العراقيين الى حملة غير مسبوقة على خلفية تنظيم احتفاليتها بمناسبة عيد الصحافة العراقية واذا كان من المشروع ان تتم عملية النقد لتقويم الاتجاه والاستفادة من الاخطاء في كل اجراء او عمل او مشروع لكن ماتتعرض له احتفالية نقابة الصحفيين من نقد كبير جعل الكثير من المتحاملين والموتورين ومن لديهم حسابات قديمة مع النقابة يوجهون سهام نقدهم الجارح لها ونقيبها بصورة غريبة ولاتحمل اي قدر من الموضوعية والانصاف.
والذي يطلع على حجم الاساءات الشخصية الموجهة ضد نقيب الصحفيين مؤيد اللامي ونقابته بعد الجهود التي بذلوها لتنظيم احتفالية بحظور عالمي وعربي في بغداد يصاب الاحباط نتيجة تدني المستوى الاخلاقي والمهني لاكثر المنتقدين الذين انحطوا بشكل لايليق بمن يطرح نفسه الاكثر حرصا على الامة واخلاقها واموالها وصيانة النفوس البريئة من خطر الفنانيين والمطربين العرب الذين اصبحوا بقدرة قادر عنصر مدمر للمجتمع ومخرب للدولة؟
وتتمحور الحملة الموجهة ضد اللامي حول ضيوفه من المشاهير العرب وبالخصوص المغنية اللبنانية مادلين مطر التي احيت حفلة جماهيرية في متنزه الزوراء والبعض وجدها وسيلة لانتقاد الحكومة لاسباب مختلفة اوردها المنتقدون في متون مقالاتهم منها ان نظام صدام كان يجلب مشاهير وفنانين الى العراق، او بسبب الاموال التي يزعمون انها صرفت على الحفل، او لحجم الحراسة الامنية او لطبيعة الحفل الذي اقيم ولكن لم نجد لحد الان وثيقة تدل على خطا او صواب مايزعمون كونها اراء شخصية ليست بالضرورة ان تكون ملزمة للراي العام.
كما ان البعض الاخر كان يطالب النقابة بتنظيم حلقات نقاشية ومؤتمرات علمية بهذه المناسبة والبعض اخذ يشكو تدني المستوى المعيشي للصحفيين او للمواطنين ويعيب على النقابة انفاق مبالغ كبيرة على حفلات من هذا النوع ويطالبها بتوزيع هذه الاموال على الصحفيين او تحويلها الى شبكة الحماية الاجتماعية التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية او تحويلها الى وزارة التجارة كي تضيف مواد جديدة الى مفردات الحصة التموينية وربما تكون كل تلك المطالب مشروعة لكنها لاتعني ان النقابة بتنظيمها حفل من هذا النوع قد ارتكبت جناية، لانها انفقت اموالا على نشاط ملموس وصنعت حدثا جلب دعاية كبيرة لبغداد التي تردد اسمها عبر مئات الصحف ووكالات الانباء العالمية اي حققت دعاية تعادل مليار دولار بمبالغ ابسط بكثير.
لكن للاسف البعض اعتاد على نغمة اموال الشعب التي تتكرر من قبل كثير من صغار الكتاب والكتاب المسيسين الذين يتحدثون اكثر مما يفعلون، واكثر مما يفقهون ولكن الحديث عن خمس ملايين من الدولارات تم تامينها من خلال جهات راعية او من خلال جهات حكومية تخضع بالتأكيد للرقابة والتدقيق من قبل الهيئات الحكومية المختصة يختلف عن الحديث عن اموال تقتطع من قوت الشعب وتضيع دون ان يحرك هؤلاء المتباكين على اموال الشعب ساكنا.
ولابد ان هناك اسباب اخرى لعلو الاصوات ضد نقيب الصحفيين مؤيد اللامي لانه نظم نشاطا فريدا من نوعه واستقطب نجوم ومشاهير عرب ضيفتهم عاصمة الرشيد في دلالة على عودة الاستقرار والهدوء وخروج المحتل وتلاشي الطائفية وانتعاش الحياة في مدينة كانت منذ اعوام عاصمة اشباح يصول ويجول في شوارعها صناع الموت والملثمون وتئن شوارعها من عفونة الجثث الملقاة على الارصفة في وضح النهار.
فلماذا هذا التحامل على نشاط جماهيري اكتض بالحاضرين واستقطب عشرات الالاف من المواطنين في ليلة عراقية اثبتت للعالم قوة ومتانة الوضع الامني وهو عامل مشجع على استقطاب المستثمرين وكبريات الشركات العالمية للعمل في بغداد التي تصنف من المناطق الاشد خطورة في العالم.
على الذين يستكثرون صرف مليون او مليوني دولار من اجل تنظيم حدث بحظور دولي وعربي تجاوز عدد ضيوفه ال 200 شخصية اعلامية وثقافية وفنية عربية وعالمية ان يدققوا بحجم ماتنفقه امارة دبي، وابو ظبي، والمملكة العربية السعودية، والدوحة، وحتى اقليم كردستان العراق، او مؤسسة المدى الممولة من قبل رئيس اقليم كردستان من اجل استقطاب مشاهير العرب والعالم؟؟ بالتاكيد سيصابون بالذهول لان ماينفق يتجاوز المليارات من الدولارات وتسخير كبريات شركات العلاقات العامة وتجنيد كل امكانيات الدولة.
وهل تجرا احد من هؤلاء بالحديث عن مليارات الدولارات التي يسرقها مسعود بارزاني وآل النجيفي وغيرهم من عائدات النفط ومثلها التي يسرقها نواب ووزراء وشخصيات نافذة تجاوزت الحد المعقول.
ثم الم تكن هذه الاصوات هي نفسها التي تشكو وتتذمر من سطوة التيارات الدينية المتشددة في بغداد ومدن العراق وتتخوف من تحويل بغداد الى قندهار الم تطالب تلك الاصوات باعادة الفن والمسرح والمشروبات الكحولية التي احدث منع تداولها في بغداد انتفاضة كبيرة وتظاهرات صاخبة كادت تسقط حكومة بغداد المحلية والغريب ان قيادات انتفاضة الويسكي والكحول هم اكثر المنتصرين اليوم للشرف والعفة والكرامة والقيم التي انتهكتها مادلين مطر فمالذي تغير اليوم لكي يحملون فتوى السيد مقتى الصدر ويهتفون بها ضد نقابة الصحفيين وهم يذكرونا بالبعثيين الذين تبنوا وحملوا فتوى السيد الحكيم بتحريم الحزب الشيوعي العراقي قبل خمس عقود.
نقابة الصحفيين العراقيين ارادت ان تعيد لبغداد استرخائها وتنظم عملا دعائيا يشجع الاخرين على بناء تصور جديد عن هذه المدينة التي جعلها الاعلام الاصفر قطعة من النار والدخان والخراب الثقافي والمعنوي.
ومع شديد الاسف لم يكن النقد منصفا ولم يكن الكلام الذي قيل عادلا فقد استند على التجريح وتصفية الحسابات اكثر مما استند للقياس والموضوعية ومصلحة البلاد والعباد في عراق يتحدث الجميع بحبة نهارا ووينخرون وجوده ليلا بالسرقات والطائفية والجريمة والكذب والدجل السياسي والاعلامي.