23 ديسمبر، 2024 8:52 م

عيد الشرطة بين تغييب التحديث واستبعاد الاصلاح

عيد الشرطة بين تغييب التحديث واستبعاد الاصلاح

نحتفل بذكرى مروراثنان وتسعون عاما على تشكيل الشرطة العراقية الموافق في 9/كانون الثاني1922 الذي أصبح تقليدا سنويا، وبالوقت الذي أحيي فيها اخواني رجال الشرطة في هذا اليوم ، ونستذكر فيها مايقارب خمسة واربعون عاما من الخدمة في هذا الجهاز ، نستذكر قادة وليس مدراء ، عشنا معهم وبرعايتهم وكانوا لنا اباء واخوة وليس امرين ، بل مربين ومهنيين ووطنيين وغيورين وصادقين بعملهم  ، واغلب تفكيرهم ينصب على التطور والتحديث ، مترفعين عن القبيلة والمنطقة والطائفة وعن التحزب السياسي، ولاتسع قوائم لذكراسماؤهم وكثير منهم من غادر الحياة ، والاخرين يعيشون في المهجر بحياة الكفاف مع الامراض المزمنة والبعض استثمرت امكانياتهم بعض الدول العربية وابدعوا فيها ، او مقعدي الدورفي العراق، ولايفوتنا الا ان نستذكر شهداء قوى الامن الداخلي العراقية الذين دفعوا أغلى التضحيات والذين بلغ عددهم ( اكثرمن عشرة الاف شهيد ) وجرحانا (فاقدي الرعاية الصحية والذين بلغوا اكثر من عشرين الف) حيث لاتتوفر احصاءات دقيقه عن اعدادهم  ، والمتوفر بالداخلية (من عام 2007 ولغاية 2012 سوى عدد الشهداء 6245 والجرحى اكثر من عشرون الفا ) ، ولو احتسبنا شهداء قوى الامن الداخلي من (عام 2003 ولغاية 2013  يكون عددهم اكثر من عشرة الاف شهيد) ، وبمراجعة لقاعدة بيانات الارهاب الدولي(GTD) حيث حدد عدد الحوادث التي وقعت على الشرطة العراقية من عام (2003 لغاية 2012) بلغت (1797 حادث ، ضحاياها من الشرطة جراء العمليات الارهابية ،أن أهمية هذا المناسبة  تتزامن مع تزايد المخاطر الناجمة عن تفاقم موجة العنف التي تشهدها بلادنا ، وفي هذا اليوم تبرز من جديد الخدمة الكبيرة التي يجب ان تؤديها المؤسسة الشرطوية العراقية، وعلينا التعامل مع متغيرات العصروتحدياته، فإن عمل قوى الامن الداخلي بأسلوب عصري وحديث يشكل وسيلة هامة في هذا المجال ، من أجل اللحاق بركب التقدم ، بإصلاح أحوالنا، ووضوح الرؤي في أداء المهام ،بتطبيق السياسات الأمنية الثابتة والراسخة، واتباع نهج العقيدة الأمنية القائمة على احترام حق المواطن بالتعبيرعن رأيه وفقاً للقوانين ، واصبح من الضروري ان تكون وقفة مع الذات لتقييم المنجز والمتحقق ومعالجةالأخطاء.
مضت عشر سنوات على اعادة التشكيل، ورافقتها اخطاء فادحة،  منها اعداد قوى الامن الداخلي التي تقدربمليون منتسب اذا احتسبنا داخليه اقليم كردستان، من حيث الكم، لدينا أكثر مما نحتاج، في حين أن الجودة أقل من الوسط أضحت الوزارة الحلبة المثلى للتنافس السياسي والفئوية ويمكن تحديد التحديات التي تواجهه بناء القدرات بالاتي:
•   رافق عملية إعادة بناء الداخليه ارتقاء الاف من الضباط الدمج للحلقه الوسطيه للشرطه العراقيه وخصوصا بالمحافظات وهناك نقص بمؤهلاتهم المهنيه والعمل للجهه التي منحتهم الرتبة  ،غير أن الحقيقة هي أنهم لا زالوا موالين لهذه الأحزاب وأيديولوجياتها ، ان منح هذه (الرتب العليا اهانة للرتبه) وحرج للشخص الذي تمنح له.
•        ضباط الجيش العراقي السابق (الذين تم تعيينهم بحقبه احد وزراء الداخلية واغلبهم كبار بالسن وتاركي الوظيفه عشرات السنيين وتبؤ كثير منهم مناصب قياديه بالشرطه اضافه ممن اعيدوا الى الخدمه لاسباب انتخابيه تخص الوزيرواطلق على وزاره الداخليه (وزاره الدفاع الثانيه) والتي اصبحت اسيرة مبدا (عسكرة الشرطة).
•   ان تزايد قوة الجماعات المسلحة في العامين الأولين بعد الاحتلال دفعت إلى ما يشبه ( موجة التجنيد العمياء ) لم تتمكن من فلترة لمجندين الجدد على أساس المؤهلات المهنية أوالولاء السياسي ، خشيت الولايات المتحدة من أن الشرطة الوطنية التي كانت أعداد أفرادها تتزايد باستمرار، والخشية ستقع تحت سيطرة كتلة سياسية واحدة ، ولتقليص المخاطر، أوجدت هيكليات ومراكزقيادة متعددة داخل وزارةالداخلية، وهو ما أفضى إلى التشوش والشلل ، أضحت الوزارة الحلبة المثلى للتنافس السياسي والفئوية.
•   أن تولي الجيش الأمريكي مسئولية تدريب الشرطة الوطنية في العراق أمر غير مسبوق، دائما ما تكون مسئولية تدريب الشرطة ، توكل إلى وزارة العدل الأمريكية التي تملك البرامج والخبرات المطلوبة ، ومع استكمال المرحلة الأولى من برنامج مساعدة الشرطة في العراق التي تولاها (عسكريون امريكان) وليس (خبراء امنيوون او جنائيوون )، ولكي تتولى وزارة العدل هذه المهمة، يتطلب ذلك إلى تفويض مباشر من الكونغرس ، مما اضطر العسكريوون بادارة مهام الامن الداخلي ، وهذا من اكبر الاخطاء الفادحة على الامن العراقي.
•   شكلت ظاهرة (تعدد الأجهزة ) وعدم وضوح صلاحيات كلا منها وغياب قيادة مؤسساتية تشكل مرجعية لها بالترافق مع غياب قوانيين  ناظمة لإعمالها واستمرار بقاء نفس الأشخاص  الذين تم اختيارهم من السياسيين على قمة هرم ، كل ذلك ساهم في تحويل هذه الأجهزة إلى إقطاعيات لمسؤوليها  ، ومركز نفوذ لقادتها، حيث لم يعد واضحا دورها ومبرر وجودها .
التخلف التقني
ان بناء القدرات الفنية والمعلوماتية لجهازالشرطة العراقية لا تتم الا بتوافر وضع خطة متكاملة لتطويره ، ووفق مجموعة من البرامج المدروسة ، لزيادة قدراته العملياتية والإرتقاء به إلى مصاف المؤسسات الأمنية الاقليمية على الاقل ، وذلك بتطوير هيكلة متوافقة ومتوائمة مع المعايير الدولية ، بما يسمح بتنسيق أكثر، وعصرنة الوسائل وتزويد المؤسسة بالمعدات والأجهزة التكنولوجية الحديثة  ، وضرورةاعتماد الشرطة العراقية على النوع الذي من شأنه السماح أن تكون مؤسسة متفتحة على العالم التقني والعلمي ، ويستوجب عليها بذل الجهود في المرحلة القادمة  ، وتبقى غير مكتملة القدرات مالم تستكمل بناء القدرات الفنية والمعلوماتية واهمها :
1.  تطوير جهازالشرطة لاسيما الشرطة العلمية والتقنية ، خصوصا (تحديث الهياكل واقتناء التجهيزات والأنظمة التكنولوجية الحديثة في مجال علم الأدلة الجنائية والتسجيل الجنائي ) و على اللجـوء إلى الوسائل العلمية الحديثة كالأنظمة المعلوماتية و وسائل لاتصالات العصرية وكاميرات المراقبة.
2.  اضافة الى عدم تبني اية قاعدة فنية او معلوماتية التي تخدم العمل الجنائي طيلة العشر سنوات الماضية واختصارها ، الاخفاق في مشروع البطاقة الوطنية الموحدة ، والاخفاق في استكمال قواعد بيانات السيارات ، وفضيحة استيراد اجهزة كشف المتفجرات ، وتغييب قواعد بيانات الجنائية للكشف عن شخصية مرتكبي الجرائم اليا ، واعادة النظر بهيكلة ادارية وتقنية لمركز الشرطة ، وعدم تنفيذ مشروع نظام تحديد الاماكن العالمي .
الاداء المهني
ان افضل قياس لمعرفه اداء العمل الشرطوي الحقيقي وقياس الانتاجيه، هو مراجعه الحوادث المهمه الارهاب والقتل والاغتيال والخطف التي وقعت للاعوام من(2004 لغايه 2013) ومقارنتها مع مامكتشف منها والاحكام الصادره بحق الاشخاص المقبوض عليهم وبالتالي يمكن قياس الاداء المهني ، ولا يعتد بالتصريحات التي نشاهدها يوميا من قبل الناطقين ، وهي تحمل ارقام لو تم احصائها سنويا سنجدها بالاف ، والموسف ان طيلة السنوات الماضية من عمل الداخليه بعد 2003 لايوجد احصاء جنائي  ، وشكلت قبل سنة نواة بادارة صغيرة للاحصاء ، فكيف تبني قدرات بدون عمل احصائي ، اضافة لافتقارها لبرامج التأهيل والإعداد وللمسار المهني ، ومن الجدير بالذكران وزير الداخلية بالوكالة  ، ووكلائة طيلة سنوات تبؤهم مناصبهم  ، لم يكلفوا انفسهم بزيارة واحدة ميدانية لمركز شرطة في بغداد ، والبالغ عددها اكثر من ستون مركز ، والتي تعاني من تخلف بادائهم الاجرائي والامني ، بسبب الاهمال المتعمد .
 
وفي الختام ولما كان تحقيق الأمن من أولى أولويات الدولة الحديثة ، فإننا نطمح ان يؤدي جهاز الشرطة عمله بأسلوب عصري وحديث ، يشكل وسيلة هامة لاداء مهام الامن ، لا سيما ان كافة الموارد  المادية والبشرية متاحة، واصبح لزاما على الحكومة القادمة ، بوضع خطة متكاملة لاصلاح وتطوير جهاز الشرطة ، وعصرنة الوسائل وتزويد المؤسسة بالمعدات والأجهزة التكنولوجية الحديثة ، وابعاد الجيش عن مهام الامن الداخلي ولفشلها باداء مهام غير مهامها الاصلية ،
 
[email protected]
عمان