18 ديسمبر، 2024 7:22 م

عيد الأضحى.. موسم تجاري موروث

عيد الأضحى.. موسم تجاري موروث

عيد الفطر.. إسلامي إستُحدِثْ مع نزول الدين الحنيف، لكن الأضحى.. عيد عربي موروث مما قبل الإسلام؛ لأن جزيرة العرب، لم تكن وثنية قدر ما هي موحدة!

وهذا ما جعل الكعبة تتشظى بين قبائل شتى، الأمر الذي دفع إبرهة الى التوجه لتهديم كعبة قريش، ولم يفلح لأنه مصب بينما مكة ممر.

بيوت العبادة القديمة في عصور الجاهلية، أماكن مكعبة هندسياً “كل مربع هو مكعب حتماً.. حسب الثعالبي” فسميت كعبات عبادة، وهي إختصاراً معابد، إعتمدت فيها إزدواجية التعاليم الدينية والتقاليد الإجتماعية معاً.

يقول الباحث محمود سليم الحوت: “مكة.. وإن ارتفعت مكانتها عن سواها من أماكن العبادة، ليست هي القبلة الوحيدة في شبه جزيرة العرب، فقد كانت لهم كعبات عدة كل قبيلة تحج إلى كعبتها في موسم ما، تذبح عندها، وتقدم لها النذور والهدايا، وتطوف بها، وتحلق شعرها ثم ترحل عنها بعد أن تكون قد قامت بجميع المناسك الدينية المطلوبة”.

وبعد أداء المناسك، يعلن عيد في تلك القبيلة، والعاشر من ذي الحجة، عيد قريش، الذي حفظه لهم النبي محمد.. صلى الله عليه وآله، وألزم القبائل بإلغاء كعباتها والإنتظام بقريش الإسلام.

وإشتهر من بيوت الآلهة أو الكعبات: بيت اللات، وكعبة نجران، وكعبة شداد الأيادي، وكعبة غطفان، وبيت ذي الخلصة المعروف بالكعبة اليمانية، وبيت ثقيف، وكعبة ذي الشري، وكعبة ذي غابة الملقب بالقدس، ومحجات أخرى لآلهة مثل: اللات، وديان، وصالح، ورضا، ورحيم، وكعبة مكة، وبيت العزي قرب عرفات، وبيت مناة، وبيت الأقيصر، وبيت ذي الخلصة، وبيت رضاء، وبيت نجران، وبيت مكة.. وكان بيت الأقيصر في مشارف مقصد القبائل؛ من قضاعة ولخم وجذام وعاملة، يحجون إليه ويحلقون رؤوسهم عنده.

إجتمع لبيت مكة من البيوت الحرام ما لم يجمتع لبيت آخر في أنحاء الجزيرة؛ لأن مكة كانت ملتقى القوافل؛ بين الجنوب والشمال، وبين الشرق والغرب، أخذت أرجحيتها من الموقع العظيم على طرق القوافل التجارية جميعاً؛ حتى جاء وقت أصبحت فيه مكة ملتقى تجارة العالم، وأصبح أهلها أهم تجار الدنيا.

ولهذا كما ورد في محكم التنزيل.. القرآن الكريم: “كل حزب بما لديهم فرحون” ولكي لا يزهف الفرحون بما لديهم إقصاءً للآخر؛ وحَّد الإسلام كعبات العرب، بتلك التي في مكة؛ لأنها ضرورة تجارية للعرب كافة، وليس لقريش فقط.

وهكذا تأكد عيد جاهلي في تعاليم الرب النازلة عبر الإسلام، لضمان مصلحة تجارية مستمر، لم يطرح الإسلام بديلاً عنها؛ فبات ملزماً بإقرارها؛ لأن “الله كتب على نفسه الرحمة”.

فمبارك للمسلمين عيد الأضحى المخضرم غائصاً في بحر الزمن.. من ظلام الجاهلية الى نور الإسلام.