23 ديسمبر، 2024 5:32 ص

عندما كنا اطفالآ كنا ننتظر العيد بلهفة نحس بسعادة لا توصف نحضر الملابس الجديدة رغم بساطتها , نجلس اليل بطولة ننتظر طلوع الفجر حتى نخرج الى الشارع  من اجل الحصول على العيدية كأن تكون نقودآ او حلويات , نذهب للعب في الالعاب التي تنصب من قبل الاهالي في المنطقة , كان الاستقرار يعم بلادي خلال سبعينات القرن الماضي رغم التسلط البعثي واساليب القمع ضد من يخالفهم في الرأي والطريق والمنهج , لكن على العموم كنا نشعر بسعادة لا توصف , كان العيد له طعم اخر ليس لدى الاطفال فقط بل حتى لدى الكبار فنجد الامهات تنظف المنزل وتصنع الحلويات خاصة (الكليجة) وتستعد استعداد كامل لاستقبال ايام العيد , اما الاباء فكانوا يقومون بالتسوق وشراء مستلزمات البيت كذلك استعدآ لهذا الايام المباركة , تغير الوضع ليدخل العراق في دوامة الحروب المستمرة , حرب ضروس مع ايران لمدة ثماني سنوات 1980, وبعدها حربآ اخرى مع الكويت 1991, وحرب اخرى لأسقاط النظام 2003 , وحرب اخرى ضد الارهاب بدأت بعد سقوط نظام صدام ولا زالت مستمرة , وحرب بعد اخرى وتستمر الحروب ولن تنتهي عند هذا الحد ولن يستقر العراق , وفي ظل تلك الاحداث والظروف فقد الاحساس بالفرح والسعادة فأصبحت ايام العيد ايامآ عادية لا يحسب لها عادتآ اي حساب , لم يعد للعيد طعم كما السابق في ظل قوافل الشهداء التي تسير يوميآ الى مقبرة وادي السلام , من جراء التفجيرات الارهابية الاغتيالات وهجمات الدواعش على ارضنا وتمركزهم في مدننا , انتهى العيد لان الحزن عم كل بيت عراقي ما عدا بيوت البعثين والمسؤولين العراقيين الجدد  طبعآ , كل البيوت العراقية قدمت الشهداء اما في حرب العراق مع ايران , او على يد الطاغية ضمن إعداماته المستمرة ضمن المقابر الجماعية وغيرها , او في حرب العراق مع الكويت , او في حرب 2003 , او في التفجيرات المستمرة التي اجتاحت البلاد منذ سقوط الطاغية ولحد الان ,او في الحرب على الارهاب , او ضمن مجازر جماعية واهمها جريمة او مجزرة سبايكر , او شهدائنا الابطال الذين لبوا نداء المرجعية , اذن ليس هنالك بيت عراقي لم يقدم شهيدآ الا ما ندر , لذلك تحولت ايام العيد في بلادي من ايام فرح وسعادة الى ايام حزن وبكاء على شباب ملئت بهم مقبرة وادي السلام , شباب ضحوا بأغلى ما يملكون من اجل وطن جريح اسمة العراق , من اجل شعب مظلوم اسمة الشعب العراقي , في وقت يتنعم فيه المسؤول وعائلته واقاربه بخيرات بلادي , يعيش بعيدآ عن كل تلك الازمات , لا يشعر بمأساة وطن دمرته الحروب , انهكت شعبة الحكومات الفاسدة على مر السنوات , شعب يقدم التضحيات , ومسؤول ينعم بالخيرات , يتمتع ابنه بكل الامتيازات ويعيش في حضن الاوربيات , يدرس بأفضل الجامعات , اما كبش الفداء فهو ابن الخائبة.
 مقاتل شجاع غطى وجهه التراب , نام في الخنادق والحفر , توسد بسطاله وحضن سلاحه , وصلى بأسم العراق , حمل روحة ليقدمها لبلادة هدية , من اجل عيون اطفال بلادة من اجل الامهات , من اجل دموع الاباء الجاريات , فسالت دماءه لتروي تراب المقدسات , لتحتضن روحة الجنات العاليات وليقف عند ربة شهيدآ خالدآ , لتبكي علية كل السماوات , هذا هو ابن العراق الشريف , من يدافع عن ارضة وعن عرضة وعن كل المقدسات , فعيدك مبارك يا من تقاتل لتحرير كل شبر من ارض وطنك , وعيدك مبارك يا من ضحيت بالنفس من اجل وطنك , ولا عيد لمن خان الامانة وتأمر وباع  العراق , عيدآ مباركآ لكل امهات الشهداء , لكل الاباء , لكل الابناء , عيدآ مباركآ عليك يا عراق التضحيات , يا وطن الجراحات , عيدك مبارك يا وطني يا عراق .