18 ديسمبر، 2024 11:41 م

(ليس من العيب أن ينخدع المرء فيما لا يعرف، بل العيب أن يخدعك بالعيب من يعرف)، فضاع العمر بين عيبٍ وألاعيب.

ضاع العمر إذ تمضي أيامه قهراً.

نتجرعها علقماً مراً.

حين غابت الحرية دهراً، فلما جاءت صيروها علينا كفراً.

نعيشها صبراً كُرهاً.

تتوالى الأيام على عمرٍ لم نفهم من سنواته العجاف شيئاً يُذكر، فعجولٌ سمانٍ دوماً يأكلن السنابل الخضر لتبقي اليابس منها لجماهير العجول النحاف تقتات عليه.

لأمجاد تاريخ مضى لغير رجعه فيتفوه بفضائله من ليس له فضل ولا فضيلة، ممن دمر الحاضر لينصر الماضي والتاريخ، ويصغي سوادٌ عظيم من الكتل البشرية لتلك الأحاديث فتمر ضوضاءها من الأذن اليمنى لليسرى هباءاً.

تمضي الأيام حيث تشاء لا حيث نشاء وتدور فينا ولم نعرف ما هو دورنا في دورانها فكل شيء خبصة.
(وهالعمر هذا طويل،

وهسه تونه ابدينه نصه.

كلشي هوسة،

كلشي خبصة.

هذا عمر الراح نصه).

قضى جمعٌ نحبه مقتولاً، وقضى أخر عمره متغرباً، واخرين باحثين عن فرصة للغربة ومن ورائهم جموعٌ ممن يقضي يومه غريبٌ في وطنه، فالفقر وسوء الخدمات وعدم الأهتمام بالناس في الوطن غربة.

قضوا جميعاً ممن لم يكن لهم بعيوب الساذجين والمغفلين ولا ألاعيب الماكرين والانتهازيين لا ناقة ولا جمل.

يصبح العيب ألعوبة بيد من لا يخاف الله ولا يستحي من جلالته ولا من الناس فله من الحمقى الكثيرين الذين يدّعون الاستقلالية وهم يتقاتلون دفاعاً عن المسمى المعدود عيباً ليتلاعب بالكلام ليصبح العيب ذا مبرراً وذا مجدٍ عظيم.

كلهم في الهوا سوا…!!

فلماذا يتقاتل البعض في الدفاع عن هذا وذاك ويزعل البعض في الدفاع المستميت عن حزب فلان وتوجه فلان وموقف فلان، حيث ينام رغداً صاحب الألاعيب وينام منزعجاً وضجراً من هو ملعوبٌ به من مغفلين وساذجين.

ينام رغداً في ركب الرابحين سحتاً من عوائد التغيير والحرية التي درت على الجيوب أرباحاً حطمت أرقاماً قياسية من أموال دخلت الجيوب فلم تستر العيوب ولو أنفقوها على تنظيم الألاعيب.

لم تسترهم تلك الأموال فالعيوب كثيرة وهائلة. فـ(الشك جبير والركعة زغيرة).

لم تغطي العار أصوات المغفلين النائمين بحرّ الظهيرة تحت لهيب سقف المنازل المتهرئة والتي أتعبتها السنين فيتنعم على إثرها من فاز بصوت المغفلين ممن نام بالبيوت الفارهة على نسمات (التبريد المركزي)، وينام بالحسرة الشعب كله.

هذا نائب في البرلمان القبرصي يستبدل سيارته الرسمية بحمارٍ كوسيلة للنقل عقب إعلان الدولة رفع أجور البنزين على المواطنين تضامناً من النائب مع مواطنيه وتعبيراً عن مصداقيته في تمثيلهم.

ونحن الأهداف المستمرة لأعمال العنف، والغلاء المتصاعد الذي لا يتناسب مع القدرات الشرائية المحدودة للمواطنين، وقلة الخدمات وأزمة السكن وسوء توزيع الثروات، ولا توجد حرقة قلب، بل زيادة بالأستهتار.

ممن يتكلم بعدالة علي من الشيعة وكذا بمن يتكلم بعدالة عمر من السنة ومن يومها ضاعت العدالة وزاد الغبن وسوء الخدمات والفساد كلما تمنطق سياسيينا بعدالة تاريخ قضى نحبه على أيديهم.

ولا يزال المواطن المغفل يتكلم بروعة من تكلم بعدالة علي وعمر؟!

يُعزز دور تلك المشاكل دور العار من الجوار كلٍ حسب طائفته وهواه ومشتهاه بتدخل طائفي بغيض، وبحجة الدفاع عن الشعب العراقي الذي دمروه ودمروا هيبته ومزقوا مكوناته الأجتماعية.

عيب الساذج هو أنه سهل الأنقياد وسهل الأنخداع وسهل الإقناع، حيث ألاعيب الماكرين أنهم يعرفون كيف يصيدون فرائس البشر وغنائم غباء المواطنين والذين لاحقاً سيصبحون ناخبين.

الكثير من السياسيين ذهب لدول الجوار لإسقاط خصوم سياسيين له في الداخل فلا يهمه حتى لو أحرق الوطن وأهله، وأهان كرامة الشعب وهيبة الدولة فهمه كل همه نصره الشخصي ولو على حساب الملايين من الضحايا.

لا قيمة للكرامة عند من لا كرامة له.

متى يتعلم الناس من قصص الحياة درساً حيث كل الساعات قصص تتوارد والأيام عبر تمر فمتى يفهم المغفلين والماكرين أن حب الأرض والوطن والشعب شرف.

ولا قيمة للشرف عند من لا شرف له.

إلى كل أحلامنا المتأخرة، والتي أخرها وغيّر بعضها الساذجين والماكرين وأماتوها لاحقاً ممن أحرقوا النبات قبل أن يأتي ثمره والحصاد.

يا أحلامنا المتأخرة: سيأتي يوم أفضل من يومنا هذا وسيصبح لنا ماضي أفضل من ماضينا المعاصر المملوء دماً وجرحاً وفساداً على طول الخريطة.

سيأتي يوم نعيش فيه الراحة والطمأنينة حيث لا يكون مصيرنا بيد الساذجين والمغفلين ولا الماكرين، فالله خير الماكرين.

والله لا ينسى، وهو لا يضيع أجر المحسنين.

ولا ينسى الله صبر الصابرين العاقلين من رحمته ورعايته حيث محال أن يتساوى الذين يصبرون من الذين يعقلون والذين لا يصبرون ولا يعقلون.

وأغبى الأغبياء من يعثر بحجرٍ مرتين، وأغبى منهم من يسقط بنفس الحفرة مرتين، فحتى لا تعثر كثيراً ولا تسقط تكراراً في نفس الحفرة ولكيلا تدفن فيها حياً.

فكر من جديد بشيءٍ جديد.