23 ديسمبر، 2024 1:39 م

لم يعرف العراق العمل السياسي بشكله المتعارف عليه ومنذ سقوط حكم عبد الكريم قاسم, إلا بعد عام 2003 وانفتاح الساحة على عدد كبير من احزاب والتيارات والحركات.
في العهد السياسي الأول, كانت هناك أحزاب معدودة ونظام واضح, يجعل السلطة بيد الملك أو ولي العهد مع هامش محدود للديمقراطية, إلا أن عهد ما بعد عام 2003 اختلف كثيرا.
النظام السياسي الجديد, بني بأفكار وأسس لم يخترها العراقيون بأنفسهم, وإنما كانت نتاج قرارات البلد المحتل, مع اخذ بعض وجهات النظر العراقية بالحسبان, مما ولد نظاما معاقا, وفيه الكثير من الثغرات,ومنذ بداياته, إلا انه بأي حال من الأحوال , كان نظاما ذو ملامح ديمقراطية حقيقية في الكثير من جوانبه, وان شابه الانحراف في جوانب أخرى.
بعض هذه الانحرافات خطيرة, وبعضها بسيط, ولكنها تحتم أن يتم إصلاحها, لأنها أن بقيت كما هي, ستكون مقدمة لأخطاء اكبر, وربما تودي بالنظام السياسي كله إلى الفشل.
عدم توقف مطالبات الإصلاح واستمرارها أبقى فسحة أمل, بان الشعب العراقي حي, لكن هذه المطالبات تختلف بين جهة وأخرى, وبين حزب وأخر, وبين قطاع من الشعب وأخر, بل وحتى تختلف بين القوميات والأديان والمذاهب ضمن الدين الواحد!.
هناك تساؤل مهم أيضا يتعلق , بآليات هذا الإصلاح, ومنفذيه, والأولوية التي يجب أن توضع لقضاياه, ولا ننسى توقيته, فكما يعلم الجميع, نحن في وسط حمى الانتخابات, ويبدو أن  الكل صار يطالب بالإصلاحات, من بيده السلطة الحاكمة, أو من يشاركه فيها, أو من يشارك بيد ويعارض باللسان, فلا ندري من المفسد إذن!.
معروف أن فترة الانتخابات تشهد ضجيجا وهستريا, وتصرفات انفعالية, هدفها فقط التسويق الانتخابي ومهاجمة الخصوم, بالتالي فان أي إجراء إصلاحي كبير خلالها سيكون مشوها,لأن غرضه غير إصلاحي, فهل يعني هذا أن تتوقف عملية الإصلاح! وهل هناك عملية إصلاح أصلا؟! أو نية لها مثلا؟!وهل تتوقعون أن المخطئ يقول أني أخطأت؟!.
الإصلاح عملية تعني أن من يقوم به, تيقن أن عمله يحتاج إلى مراجعة, فقام بالمراجعة وكشف عن أخطائه ,واوجد الحلول المناسبة لها, وعاد إلى جادة الصواب, أو اقترب منها على الأقل.
عملية الإصلاح ,لا تخص فردا أو مؤسسة, بل تخص بلدا وشعبا بكامله, فيجب أن تكون متأنية, وناتجة عن رغبة حقيقية أصيلة, والا فهو..تهريج انتخابي فقط.