18 ديسمبر، 2024 8:13 م

عوده الى مقالاتنا الصحفية مالها وماعليها

عوده الى مقالاتنا الصحفية مالها وماعليها

(ذكر ان نفعت الذكرى.)  ذكرت في مقاله سابقه معنونه )مقالاتنا الصحفيه مالها وماعليها( ان هناك الكثير منالمقالات الهادفه والرصينه لكتاب مبدعين يدلون  بدلوهمعندما تشتد المحن ويستثمرو ماعندهم من خبره وأمكانات لأصلاح مايمكن أصلاحه, وفي المقابل هناك مجاميع تبدو غير موفقه وبتوصيف أدق تصر على تقديم مقالات دون المستوى المطلوب تحمل بين طياتها بواعث الفرقة والمحن. وتطرقت كذلك الى لغة المقاله الصحفيه التي يفترض ان تختلف كليا عن لغة الخطابه المشحونه بالعواطف الهوجاء والحماس الجامح وتعج بالألفاظ الشعبويه والشعارات الرنانه. ولسوء الطالع سيطرت عند البعض لغة الخطابه المنفلته على حسابلغة المقاله الرصينه الهادفه. والكل يدرك أن كتابة المقاله الصحفيه فن له أسسه وقواعده التي يتوجب على الكاتب التعرف عليها لكي يتمكن من أداء رسالته الوطنيه بحنكه وأحترافيه عاليه لتنوير واقناع المتلقي اعتمادا على حجج منطقيه ثابته دون تجريح أو أحباط. وفي نهاية المطاف تعرف المقاله بفن الاقناع لا فن التخريف والتخوين وأثارة الشبهات. وعلى أرض الواقع يتجاهل بعض  الكتاب  المقومات الاساسيه  للمقاله الصحفيه . وعلى سبيل المثال لا الحصر لا يزال بعض الكتاب يحاول وضع كل معتقداته ومعلوماته وهواجسه وتطلعاته في مقاله واحده وكأنها خطبة وداع أو وصية موتى متناسيا ان لديه متسع من الفرص لكتابة مقلات اخرى . وهذا المنحى ينتج عنه التكرار والاطاله أضافه الى ضياع الموضوع  وهدف المقاله الرئيس, ويصيب المتلقي بالملل ومن ثم العزوف عن أكمال قرائتها. والكل يجمع بأن الحد الأقصى لحجم المقاله الصحفيه التي تحافظ على وحدة الهدف ورصانة الموضوع هو مايقل عن تسعمائة كلمه . اما الأسهاب والأطناب والتكرار والأطاله الغير مبرره فهو يضعف المقاله ويضيع الهدف المرجو منها. ونذكر ثانية أن التركيز على موضوع  المقاله وهدفها الرئيسوتحديده يجنب الكاتب الشطط والأستطراد والانحراف عن صلب الموضوع. وخلاف ذلك تتحول المقاله المطوله الى سلة معلومات وأفكار متناثره غير مترابطه يسئم القارئ متابعتها.

لغة المقاله: رغم أن جميع المتخصصين ينصح بالأبتعاد عن اللغة الشعبويه الهابطه والتهويل وكيل التهم جزافا للأخرين, لا يزال البعض يصر على استخدام الألفاظ الهابطه التي تفقد المقاله رصانتها وموضوعيتها. والمعروف انه كلما هبطتالكلمات وأنحدرت الى مستوى السب والشتم يضيع هدف المقاله الرئيس وتتحول الى ناصية للتهريج ليس الا. ولربمايعزف حتى المتعاطف مع الكاتب من متابعة الأفكار المكتوبه بلغه هابطه وقوالب جاهزه وتعابير مبتذله تهرأت لكثرة ترديدها.ومن المعروف أن الكلمات الهادئه الرصينه أكثر تأثيرا وتقبلا من العبارات الجارحه ولغة العواطف والمبالغات والتهويل والتعنيف. والغريب أن البعض ممن يتوشح بأعلى الشهادات والألقاب العلميه يصر على أستخدام جمله من الألفاظ التي لا تليق بمكانتهم العلميه الرفيعه. فالدرجه العلميه كالعمامه الدينيه لها حقوق وأمتيازات وفي نفس الوقت عليها واجبات والتزامات على حاملها أدراكها ومن ثم صيانتها وأحترامها.

همسه لذوي العقول الراجحه

يقول الحكماء ان البسطاء  يناقشو الأفراد وانصاف المثقفيين يناقشو الأحداث وعلية القوم يناقشو الأفكار والظواهر. والغريب نرى ان هذه المقاييس مقلوبة عند البعض . حيث نرى احيانا ان البعض ممن يأطرو أسمائهم بأعلى الألقاب العلميهيصبو جل أهتمامهم على مناقشة الأفراد  والأنخراط في لعبة التسقيط والتخوين متناسين دورهم كرواد ومثقفين وغير عابئين لما تسببه أقوالهم من أثاره لظواهر سلبيه تهدم ولا تبني. والانكى يعتمد البعض في طروحاته على ما ينشر علىالسوشيل ميديا, علما بأن 90% مما ينشر على وسائل التواصل الأجتماعي محض هراء وفبركه رخيصه لاتخدم سوى ناشرها لكسب الشهره والربح المادي دون ادراك لما تسببه بعض المنشورات من فتن وصراعات بين ابناء الوطن الواحد. ولتجنب المحضور نذكر أن المقاله تفقد موضوعيتها ورصانتها أذا انحاز الكاتب الى طائفة معينه  أو اقليه بعينها أو تجمع أو أتلاف دون سواه وجعله الأسمى والأفضل وغيره دجال وفاسد ولا يستحق الحياة . كذلك أذا صب الكاتب جام غضبه على أفراد من  طائفه معينه حصرا دون غيرها يصبحبعين القراء طائفيا بأمتياز وأذا ركز نقده وتجريحه على أفراد من قوميه أو أثنيه بعينها يصبح عنصريا بأمتياز. ومهما حاول البعض أخفاء النعرات الهجينه والتظاهر بالحياديه فالولهالطائفي أوالعنصري  يصعب أخفائه بالكلمات المعسولهوالعبارات المنمقه. ولا أعتقد أن من يصنف نفسه مثقفا يرتضى بأن يوصم بأحدى الأفتين الطائفية أوالعنصريه. ومن نافلة القول أن الأسقاطات الطائفية أوالعنصريه لا تعمر وطنا ولا تؤمن لمروجيها موقعا مميزا بين المفكرين والمحبين لوطنهم.لذا علينا السمو  فوق الهرطقات والفبركات  السوقيه التي يرددها محدودي العقول وأصحاب الأجندات  الخاصه التيتعتاش وترتزق على المبالغات والتهويل وتبثه كحقائق مطلقه دون دليل. وحين يتبع أصحاب المقامات الرفيعه من هم أقل وعيا وأدراكا منهم ويردد ماينشروه عندها ستجر العربه الحصان ويضيع الخيط والعصفور.

وبناء على ماتقدم على الكاتب أن يعي  بإن نكئ الجراح وأجترار الماض البعيد والقريب والدعوة إلى التناحر والتنابز  وترديد المعلومات المضلله كلها تؤدي إلى الفرقه والعنفوالخراب. وعلى الغيورين من الكتاب وزن الألفاظ ومراجعة الأفكار قبل عرضها على الجمهور. والأولى والأنجع أن  يسأل الكاتب نفسه هل ما أقول وأكتب يعزز وحدة أبناء الوطن أم يصب زيتا على النار الهامده؟ هل ما أقوله يضع مصلحة الوطن والأمة وقضايانا المصيريه فوق كل اعتبار أم أتجاهل ما تسببه كلماتي من تهييج للمشاعر والتناحر والتفاخر والتعالي على الأخرين؟ هل تقدم كلماتي حلولا ومقترحات لإخراج العراق والأمة أجمعها من عنق الزجاجه أم ننتقد من أجل النقد والشهره فقط وأتباع قاعدة خالف تعرف؟ وأخيرا لابد من  التذكير بأن الكتابه الهادفه مسؤوليه وطنيه  نجيدها  فقط حين نفقه ونحترم أصولها ومتطلباتها.  وعلينا ككتاب قبل أن ننتقد بحده ونحاول تجريم الاخرين أن نبدأ بأنفسنا ونطور أساليبنا ونطرح وجهات نظرنا بموضوعيه راقيه وحياديه واعيه لكي نكسب ود المتلقي ونؤدي رسالتنا بكل أمانه وأخلاص. (وذكر أن نفعت الذكرى). والله من وراء القصد.