10 أبريل، 2024 9:59 ص
Search
Close this search box.

عودة مقتدى الصدر ومسؤوليتنا نحن دعاة التغيير

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد إعلان مقتدى الصدر قراره بعودته وعودة تياره إلى المشاركة في انتخابات العاشر من تشرين الأول القادم، لم يبق هناك أي احتمال لتأجيل الانتخابات، التي بقي الجميع في الفترة السابقة يضربون أخماسا في أسداس، ليذهب فريق أن الانتخابات لن تجري في موعدها، ويذهب فريق الآخر إلى التأكيد بأنها لن تؤجل. والذي حسم الأمر مرة أخرى هو زعيم التيار الذي تطيعه كوادره ويطيعه أتباعه طاعة بلا أدنى مناقشة مهما كان قراره وفي كل الأحوال، وهذا ما أكده في كلمته التي ألقاها أمس بهذا الخصوص.

في ضوء قرار الصدر فإن الانتخابات حاصلة لا محال، والصدر نراه مرة أخرى يقوم بدور حسم ما هو غير محسوم. ثم يبدو من خلال ختمه لكلمته بتقديم شكره إلى الأخ – حسب تعبيره – مصطفى الكاظمي، إنه سيعمل على أن يكون رئيس مجلس الوزراء المقبل هو مصطفى الكاظمي، والذي كان كما تسرب سبق ووعده بذلك، واشترط عليه الإقلاع عن الترشح وعن فكرة بتأسيس حزب له، كما كان الكاظمي يعمل من أجله.

كثيرون يعتقدون أن سبب عودة الصدر هو صعود احتمال عودة المالكي مدعوما من إيران ومن القوى الولائية، وكان قد عبر الصدر عن موقفه قائلا عودة نوري المالكي مرفوضة. لكن كما شخص الصدر أصبحت حظوظ المالكي غير مستهان بها، وهو المدعوم من إيران وولائييها العراقيين. إذن أصبحنا كما يبدو أمام خيارين، إما نوري المالكي المرفوض رفضا نهائيا من قبل قوى التغيير، وإما الكاظمي تحت إمرة الصدر، وتوزير أتباعه في وزارات مهمة يستفيد منها التيار وزعيمه.

أما الموقف الأمريكي فحسبما تسرب رفض بايدن عرض المالكي في مكالمة تلفونية ولا نعلم مدى صحة حصول هذه المكالمة، وبالتالي رفض أمريكا لعودته. ومع هذا أتصور إن الأمريكان لن يتدخلوا، بل سيتعاملون مع أي من الطرفين كأمر واقع، كما تفاوضوا مع طالبان ثم تركوا لهم مصير أفغانستان. ولو إن هناك من يعتقد، إن أمريكا بعدما ساءت سمعتها حتى عند حلفائها بقرارها المفاجئ بتنفيذ ما كان قد قرره الكونغرس في عهد ترامپ.

وهناك سؤال آخر، أين ستقف المرجعية من كل ذلك. صحيح إن المرجعية حسب الظاهر قررت الانزواء والكف عن التدخل في الشأن السياسي. لكنها بلا شك لا يروق لها هيمنة خط ولاية الفقيه على المشهد السياسي في العراق بعودة المالكي وباصطفاف الولائيين معه. فهل يا ترى ستعلن أو تسرب رفضها لعودة المالكي، أم ستنأى بنفسها هذه المرة عن التدخل، حتى لو كان عدم تدخلها يؤدي إلى ضرر بحسب تقييمها.

أما بالنسبة لرئيس الجمهورية برهم صالح، فيبدو أنه اتخذ قرار الاصطفاف مع خيار الصدر/الكاظمي، ذلك من خلال بيانه الترحيبي والمؤيد الذي جاء فيه «نرحب بقرار سماحة السيد الصدر المشاركة في الانتخابات، فالتيار الصدري وجمهوره الكريم جزء أساسي في المجتمع» داعيا بقية القوى التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات إلى المشاركة فيما أسماه بالانتخابات المصيرية، ولا يبعد أن تكون فعلا مصيرية، فهي كما يبدو إما وإماى ولا إما ثالثة لها.

إذن يبقى اللاعب الثالث أو اللاعب المفترض أن يكون الأساسي في المعادلة هو الغائب، وأعني قوى التغيير أو قوى المعارضة للعميلة السياسية من ٢٠٠٣، أو على وجه التحديد من ٢٠٠٥ حتى يومنا هذا، من علمانيين ومدنيين وتشرينيين وداعين للتغيير الجذري والشامل للعملية السياسية.

إذن على قوى المعارضة للعملية السياسية وعلينا أن نفكر ماذا علينا فعله ولا يكفي أن نندب حظنا ونسلم للأمر الواقع أمام أحد خيارين، يرى أكثرنا إن أحدهما أسوأ من الآخر؛ ألا هما إما عودة المالكي، وإما تشكيل حكومة على الأغلب برئاسة الكاظمي، وبقيادة غير رسمية لمقتدى الصدر، الذي سيكون صاحب الكلمة الفصل، وما على الكاظمي إلا أن ينسجم مع الخط العام لتوجهات وتوجيهات زعيم التيار الصدري. بلا شك إن رجوع المالكي هو الخيار الأسوأ بالنسبة للكثير من التغييريين، لكن هذا لا يجعلهم يقبلون بالضرورة بخيار (الصدر/الكاظمي).

وهنا تقع المسؤولية أمام القوى الرافضة لهذه المنظومة السياسية أن تعيد حساباتها، ودراسة نا إذا يجب اتخاذ موقف موحد في ضوء هذا المستجد، ولا تستسلم للأمر الواقع، ولم يبق للانتخابات إلا أربعون يوما، والتي تشير المؤشرات كلها على عدم وجود أي ضمانات لجعلها انتخابات حرة ونزيهة وآمنة ومعبرة عن تطلعات أكثرية الشعب العراقي. علينا اليوم مسؤولية أن نفكر بجدية وبشكل عاجل ما علينا فعله لنجنب شعبنا العراقي المزيد من الكوارث.

لا أعني بالضرورة وجوب إعادة النظر من المقاطعين واتخاذ قرار موحد بالمشاركة بأقوى ما نستطيع، بل يمكن أن يكون القرار الموحد والمدروس بعناية كما هي مدروسة بعناية نتائجه الراجحة، هو المقاطعة ودعوة الشعب العراقي إلى المقاطعة الواسعة. صحيح كان لقاء كل القوى الوطنية الداعية إلى التغيير لقاءً إيجابيا إذ جمع المقاطعين والمشاركين على حد سواء. إني أدعو كل القوى المعنية أن تعقد اجتماعا عاجلا، لتخرج بقرار موحد إما بالمشاركة، وإما بالمقاطعة، فبتوحيد الموقف سنقوي جبهة المعارضة ويكون قرارها قرارا قويا، سواء بالمشاركة أو بالمقاطعة، فانقسامنا إلى مشاركين ومقاطعين يضعف جبهتنا، زعندها نعمل بكل جهدنا على إنجاح خيار المشاركة إذا اتخذناه، أو على إنجاح خيار المقاطعة، إذا مثل خيارنا. فهل نستطيع لمرة واحدة الخروج بقرار موحد، لا من أجل سمعة هذا الحزب أو ذاك، بقدر ما هو من أجل شعبنا، ونحمل مسؤولية نتائج قرارنا الموحد، دون أن نلوم أنفسنا أو يلوم بعضنا البعض، إذا لم يؤد القرار إلى النتيجة المرجوة، فقرار خطأ موحد، خير من قرارين متقاطعين، يكون أحدهما صحيحا، لكن دون نتيجة تذكر، بسبب ضعف كلا الجبهتين لعدم توحيد قرارهما في هذه القضية الخطيرة والمصيرية، فلنكن بقدر المسؤولية، ولا نجلس ننتظر النتائج التي لا يكون لنا فيها أي دور. فأن نحاول ونفشل، ثم نتعلم من فشلنا للمرحلة المقبلة، خير من ألا نحاول نهائيا، أو أن يحاول كل منا على وفق اجتهاده بمعزل عن الآخر.

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب