الحكومة تحمى بالرقابة والبرلمان بالتعددية وأغلبية التصويت, الكثير اصبح يؤمن أن العراق في تراجع دائم عن شكل الدولة الحقيقية، وطبيعة الأنظمة التي تحكمها تبتعدة عن المدنية والإستقلالية, وتوجيه التعدد السياسي الى التفرد الإرتجالي، والعمل قائم على الصراعات والأزمات، يفقد ثقة المواطن بالدولة من مسخ المؤسسات والسلطات ودعمها المطلق للتوجه الحكومي، تكامل الدولة لا يقوم إلاّ بالإصلاح وإستقلالية القرار وتعاضدها، وفي الديموقراطية يقاد الفريق الحكومي من الكتلة الأكثر عددية، وللأخرين السلطات الرقابية والقضائية، والقانون تنظيم الحياة والعدالة المساواة، ويحافظ على الموازين السياسية والإجتماعة والإقتصادية، وأنحرافها المائل يعطي المناصب بغير استحقاقها وتوزيعها غير عادل للثروات فاقدة الرشد السياسي تقترب من الفريق السياسي, تضع نفسها في محل الإتهام ولا يحق لها لوم من يسيء الظن بها.
المحكمة الإتحادية سلطة مفسرة للقوانين والدستور, إنسجمت معظم قراراتها مع الحكومة، ونواب دولة القانون يشككون بالبرلمان، وهذا ما اطاح بالسلطتين التشريعية والقضائية تحت التأثير الحزبي. قوانين الدول ودساتيرها تحت مظلة القانون الدولي, الذي جعل من الشعب مصدر السلطات يفوض برلمان للقيام بالدور التشريعي وينصب بقية السلطات, وحين التشريع تعرض على الحكومة بفترة زمنية للموافقة, وتجاوز هذه الفترة تعتبر نافذة بحكم الشعب, ولا يحق للحكومة سوى الإعتراض وإعادته للبرلمان ومن حقه ان يقبل او لا, بل الى درجة فرض التنفيذ على الحكومة، المحكمة الإتحادية وفي سابقة دولية أقرت إن القوانين لا تصدر الاّ من الحكومة وما دور البرلمان الاّ المناقشة والتصويت، ورفضت القوانين التي تم اقتراحها من البرلمان والتصويت عليها بالأغلبية, بعد ان تم الإعتراض عليها من قبل الحكومة وهذا يثير التساؤل، وحجم الكتل السياسية الممثلة للبرلمان نفسها لمجلس الوزراء ؟! ومن القوانين التي رفضت خفض رواتب الرئاسات الثلاث وتحديد ولاية رئيس الوزراء وتعطيل قانون التقاعد العام والبصرة عاصمة اقتصادية ومنحة الطلبة.التعطيل المقصود للسلطات والشكوك حولها هدم للثقة بين المواطن والسلطات وتفكيل للعمل المؤوسسي, وإن يتهم مواطن بسيط القضاء بالتسيس كارثة كبرى ويدفعه لعدم الثقة بقراراتها ويتوجه البعض للإنتحراف اوسلوك الأساليب الملتوية والعودة بالدولة للعصبية والعشائرية كي تكون بديل عن القانون, وعودة حياة الناس للبداوة والقوة والغلبة, قرار المحكمة الأخير بإعادة القاضي مدحت المحمود مشابه لقرارات الحكومة بالتشبث بالأشخاص ولا وجود للبدائل وبذرائع الخبرة, يثير الشكوك, لماذا الإصرار على شخص تحوم حوله الشبهات وموضع للخلاف بين الكتل السياسية والعودة بالإزمات؟! وقوانين أخرى يرى رئيس الوزراء المصلحة بنقضها ومنها قانون مجالس المحافظات, في البداية إعترض عليه بحجة الدواعي الأمنية في حين هو في تدهور مستمر, وبعد الضغط تراجع ومن ثم أعلن غضبه لإنها تعطي الصلاحيات للمحافظات وتتجه للامركزية كما أشار الدستور ربما يعد لنقضها. وأتخاذ المحكمة قرار الطعن بإنتخابات مجالس المحافظات بعد أربعة أشهر من مصادقتها على النتائج يجعل المواطن يشكل بكل المؤوسسات المستقلة والحكومية, والتكهنات حول مصير العملية السياسية والإعداد الى قرارات مخيفةتنسف العملية السياسية برمتها, قد تصل للإجحاف بحق الناخب وتمهد لإختيار رئيس الوزراء بعدد اصواته وليس بالأكثرية البرلمانية, لضمان الولاية الثالثة وتتجاوز حق الأغلبية الشعبية, وكل هذه الخطوات تؤشر الى إن الدولة بدأت تبتعد عن مدينتها, وتتجه للأستحواذ والتفرد وبناء السلطة على حساب الدولة, وحصر السلطات بأشخاص لا يمكن تبديلهم , وتضيع معالم الدولة الديموقراطية, ويطرح سؤال مهم لماذا يراد إسقاط السلطات بإثارة الشكوك حولها ومن المستفيد من ذلك؟