18 ديسمبر، 2024 7:57 م

عودة الى موضوع غياب الحساسية للأرقام في العراق

عودة الى موضوع غياب الحساسية للأرقام في العراق

قبل سنوات نشرت مقالة طويلة حول موضوع غياب الحساسية للارقام في العراق ، تناولت فيها استخدام ارقام غير معقولة من ناحية ، ومن ناحية أخرى تفسير الارقام الحقيقية المتواضعة بشكل غير منطقي ومبالغ فيه مع انها بسيطة قياس بمثيلاتها العالمية. ( مثل اكبر موازنة في العالم الخ..)
قبل ايام اعلن أحد اعضاء البرلمان العراقي ان عدد العاطلين عن العمل في العراق يبلغ ١٥ مليون انسان.
لم استطع قبول الرقم وذهبتُ الى مراجعة بعض الاحصائيات حول الاقتصاد العراقي وحول الوضع السكاني صادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء للعام ٢٠١٨ .
ورد فيها مايلي :
– ان اجمالي سكان العراق يبلغ ٣٨،٢ مليون انسان.
-عدد السكان بعمر اقل من ١٥ سنة ، يبلغ ١٥،١ مليون( دون سن العمل حسب القانون).
-عدد السكان بعمر فوق ٦٤ سنة ( خارج سن العمل)يبلغ ، ١،٢ مليون أنسان.
-عدد السكان بعمر ١٥-٦٤ سنة ( في سن العمل) يبلغ ٢١،٥ مليون انسان.
وهنا أقول مايلي :
-السكان بعمر ١٥-٢٢ لازالت نسبة كبيرة منهم على مقاعد الدراسة ( طلاب الثانوية وطلاب الجامعات).
-اعداد كبيرة من الأناث في عمر ١٥-٦٤ ، لايرغبن بالعمل أصلاً.
هناك اعداد كبيرة من المتقاعدين بسن تقل عن ٦٤ سنة ويعتبرون في سن العمل من الناحية الاحصائية.
-هنالك تعريف علمي للباحثين عن عمل ( وليس العاطلين) أقرته منظمة العمل الدولية ، يستلزم توفر عدة شروط من أجل اعتبار الشخص باحث عن عمل ، وهي ( ١- ان يكون قادراً على العمل ٢- يكون جاداً بالبحث عن عمل بحيث يقدّم على وظيفة ويراجع الجهات المعنية ويسجل نفسه كباحث عن عمل مرتين في السنة على الأقل.
٣-يقبل بالوظيفة المتوفرة التي تتلائم مع مؤهلاته ٤-يقبل بالأجر المعروض حسب مستوى الأجور السائد)
-من لاتنطبق عليه الشروط اعلاه لايعتبر باحث عن عمل ( عاطل حسب وصف السيد النائب).
مع الاعداد الكبيرة التي هي تعمل في القطاع الحكومي المدني والعسكري وفي القطاع الخاص وأصحاب المصالح الخاصة ومع الاعداد الكبيرة التي تعيش في الخارج ويحملون الجواز العراقي ويعتبرون ضمن سكان العراق،يصبح من المستحيل كون الباحثين عن عمل ١٥ مليون انسان .
هنالك بطالة كبيرة في العراق يقدرها جهاز الاحصاء بحدود ١٣،٨ بالمئة، لكنها لايمكن ان تكون ١٥ مليون.
اتمنى ان تكون تصريحات المسؤولين واقعية وتقدم معلومات صحيحة ومفيدة للدولة والمجتمع لمعرفة واقع الحال.
التهريج والتهويل ومحاولة الظهور بمظهر البطل الوطني الذي يدافع عن مصالح الشعب ، لاتبرر هذه المبالغات المعيبة.
في تقديري ان عدد القوى العاملة المستعدة والقادرة على العمل لايمكن ان يتجاوز ١٥ مليون ..
القول ان الباحثين عن عمل يبلغ ١٥ مليون يعني انه لا أحد يعمل في العراق وهذا مستحيل.
في برلمانات العالم المتحضّر تكون في البرلمان دوائر ابحاث ودراسات رصينة تقدم للنواب مايحتاجون اليه من معلومات صحيحة وعلمية لضمان سلامة تصريحاتهم ومواقفهم وقراراتهم.
يبدو ان ذلك غير موجود لدينا ويجب ان يتوفر اذا ارادوا تطوير عمل البرلمان وجعله مفيداً فعلاً.
من يقول ان المعلومات تعود للعام ٢٠١٨ وبالتالي فهي قديمة ، بامكانه تكبير الارقام بموجب معدل نمو السكان في العراق البالغ ٢،٦ ٪؜ سنوياً للحصول على ارقام أحدث لكن العلاقة التناسبية تظل ثابتة تقريباً .