22 ديسمبر، 2024 3:08 م

عودة الاغتيالات مجدداً

عودة الاغتيالات مجدداً

بين مدة واخرى تتصاعد عمليات الاغتيالات والسرقات للسيارات وغيرها من الجريمة المنظمة، تارة لاسباب تتعلق بحدة الصراع السياسي والتجاذبات بين القوى السياسية، وفي اخرى تحد للحكومة من بعض المجموعات وفي ثالثة من اجل الفدية وزيادة ميزانية التمويل وما الى ذلك من الاسباب التي كلها تؤدي الى فقدان الاستقرار واستمرار الفوضى في البلاد وضعف الحكومة والنظام السياسي في ارساء حكم القانون والمؤسسات وانزياح السلطة لهذه الجهات الخارجة عن القانون.

بالامس اعلن عن اختطاف وكيل وزارة العدل وموظف كبير زميل له، وقبلها بيوم واحد اشبع الناس ضرباً احد سارقي السيارات في شارع فلسطين.. وقبل ذلك اختطاف ثمانية عشر عاملاً تركيا في بغداد، وهذا غيض من الامثلة من فيض واقع مزر يتعذر حصره لكثرة حوادثه وعدم تغطيته اعلامياً وتستر الجهات الامنية عليه.

الناس هذه الايام يعيشون في حالة من الهلع والقلق على امنهم الذي بات مخترقاً في وضح النهار وساعة يشاء عناصر الجريمة المنظمة دون رادع او خوف، بل ان بعضاً من هذه الحوادث تتم بالقرب من بعض مفارز الاجهزة المكلفة بحفظ الامن.

هذا الواقع المخيف له آثار سلبية جمة تنعكس على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالمواطنون فقدوا الثقة بالنخب السياسية وما عاد احد منهم يدافع عن العملية السياسية ويتمنى لها تغييراً ريديكالياً اليوم قبل الغد، وجزء لا يستهان به منهم بدأ يترحم على سارق الاكفان جراء الاداء السيئ..

اما في الجانب الاقتصادي الذي يتدهور يوماً بعد يوم وتخيم عليه الازمة الخانقة التي لا يبدو ان هناك املاً في القريب العاجل الخروج منها ما دامت اسعار النفط في حالة هبوط وتذبذب والحرب على الارهاب مستمرة وتستنزف على هذه الموارد التي بدأت تشح وتتقلص الى درجات مخيفة، وفي ظل اجراءات اقتصادية لم نلمس السبيل لغاية الان في الاعتماد على الذات وتنشيط مختلف المجالات لتحسين مصادر تمويل الموازنة التي ما تزال مختلة لصالح النفط.

وفي الجانب الاجتماعي والثقافي لم تعد الوطنية والمواطنة تثير الحمية في ظل سيطرة نخب سياسية فاسدة وعديمة الكفاءة على نطاق واسع من مفاصل الدولة وتسيرها لمصالحها واجنداتها الخاصة وتغتني منها وتثري ثراء فاحشاً في الوقت الذي تهاجر الفئات العمرية الواعدة والنشطة اقتصادياً الى المنافي لعدم حصولها على فرص عمل وفقرها وعوزها وحرمانها من خيرات بلادها.

علاوة على ذلك، يطارد المجرمون المواطنين ويحاصرونهم ولا يتركون لهم مجالاً للتحرك وكل من يختلف في رأي او لسبب اجتماعي او يقف في وجه فاسد لا يخشى القانون والمحاسبة يعاجله بكاتم صوت، اذا لم يكن بيده يجد من يستأجره لذلك وهو القادر على الدفع من السحت الحرام الذي كدسه جراء الوظيفة او العلاقة بنافذ في السلطة او مجموعة حاكمة.12-9-2015