أثار تعاقد الحكومة العراقية الحاليّة مع شركات أمنية أمريكية لحماية الطريق الدولي الرابط بين بغداد والاردن جدلا واسعا بين الأحزاب السياسية العراقية بشان طبيعة هذه الشركات ودورها المشبوه في العراق، ولا يخفى على احد ان التاريخ الدموي لهذه الشركات وسجلها الممتلئ بالقتل والاجرام واضح للجميع، وخير شاهد ما فعلته شركة بلاك ووتر من مجازر لاتزال اثارها شاخصة في اذهان العراقيين الى يومنا هذا. والذي زاد من سوء الموقف هو تسريب بعض المعلومات المهمة عن طبيعة هذه الشركات وارتباطاتها باجهزة المخابرات الدولية كالموساد وغيرها وهذا امر معلوم للجميع عن مهام الشركات الامنية الأجنبية العاملة في العراق وأماكن عديدة من العالم.
إن موافقة حكومة بغداد على دخول الشركات الامنية لحماية الطرق والمطارات والحقول النفطية وغيرها من المنشآت الحيوية يثير عدة تساؤلات من أهمها:
أولا: ما دور القوات الامنية والعسكرية العراقية عندما تستعين بهذه الشركات؟
ثانيا: هل نحن مقبلون على خصخصة قوات الجيش والشرطة كما يحدث الان في الولايات المتحدة الامريكية والتي استعانت بشركات خاصة لادارة الشرطة المحلية او شركات تجنيد المرتزقة لتوظيفهم في الجيش الامريكي؟
ثالثا: هل العراقيون غير قادرين على حماية امنهم ومؤسساتهم كي نطلب العون والمساعدة من شركات امنية امريكية بمبالغ مالية كبيرة حتى؟
رابعا: ما هو دور اجهزة المخابرات الدولية والإقليمية في تجنيد هذه الشركات وادارة عمليات القتل وآثارة الاضطرابات الامنية في مناطق وجودها؟
خامسا: لماذا كانت البداية بالطريق الدولي بين العراق والاردن؟
سادسا: هل لوجود قاعدتي عين الاسد والحبانية المخصصتين لتواجد القوات العسكرية الامريكية دور في ذلك؟
سابعا واخيرا: ما هي دوافع الولايات المتحدة في هذا الاستثمار الامني الجديد؟
إن من الواضح في سياسة الرئيس ترامب الجديدة تجاه العراق تحديدا هي محاولته السيطرة وفرض سياسة الهيمنة بشتى الطرق وتامين قواعده العسكرية وطرق الامداد لقواته وسفارته العملاقة والبدء بمشاريع استثمارية واقتصادية واستخباراتية لمرحلة ما بعد داعش لتؤكد طبيعة الدور الخطير المحدق بالعراق.
ان تواجد هذه الشركات الامنية هو جزء من المشروع الامريكي القادم للعراق والمنطقة. والاستعانة بشركات أمنية هي عملية احتلال من نوع جديد، فالاتفاقية الامنية التي وقعتها امريكا مع العراق والتي أدت الى مغادرة الجيش الامريكي له عام 2011 لم تكن بالأمر السهل على الادارة الامريكية، وما حذرنا منه سابقا من مخطط جديد لها لاعادة التواجد في العراق، بدا واضحا الان من خلال عودة الاحتلال الامريكي عن طريق شركات أمنية واُخرى نفطية وتواجد لمستشارين عسكريين وغيرهم لإتمام هذا الاحتلال بطريقة مختلفة.
لعل تأجيل معركة تحرير منطقة القائم لاكثر من مرة والتي تعتبر من اهم المعارك نظرا لوجود داعش باعداد كبيرة وقربها من الحدود السورية يعطي اكثر من دلالة على ما تم تخطيطة سلفا للسيطرة على المنطقة الغربية المهمة التي تشهد اضطرابات طائفية وامنية وتامين اهم طرق النقل في مناطق الصراع القريبة من الحدود الاردنية الدولة الحليفة للولايات المتحدة الامريكية والتي كانت على الدوام عامل رئيسي ومهم في قضايا المنطقة الساخنة وداعما وراعيا للمشاريع والمخططات الامريكية يؤكد واقعية المخاوف العراقية من هذا الحراك الامريكي وقطعا ستكون الاْردن الممر الرئيسي للدعم اللوجستي للقوات الامريكية ومحطة مهمة للانطلاق نحو العراق!!.
إن من المهم جدا في هذه المرحلة مع اقتراب طي صفحة داعش الالتفات والانتباة للخطر الداهم الذي يهدد العراق والوعي لما يعد ويخطط لة لجعل هذه المنطقة الاستراتيجية قاعدة امريكية محمية للبدء بتنفيذ مشروعها، فالتحديات المستقبلية التي تواجة البلد باتت واضحة المعالم وان السماح بتنفيذها ستكون نتائجه وخيمة على مستقبلنا، خصوصا وان الصورة تبدو اكثر وضوحا واكتمالا، والطوق اصبح محكما على العراق ومن جميع الاتجاهات!!
نقلا عن العالم الجديد