23 ديسمبر، 2024 2:43 م

عودة أبناء العم سام بين مرجعية الإسلام وشظايا الانقسام

عودة أبناء العم سام بين مرجعية الإسلام وشظايا الانقسام

قال تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [الأنعام : 123]
ما هو سر الترحيب الكبير في مواقع التواصل الاجتماعي وفي المجالس واللقاءات بعودة القوات الأميركية إلى العراق ولماذا يعلق البعض عليها الأمل في الخلاص من الأحزاب التي دمرت البلاد وسرقت أموال العباد.
ولماذا يفرح الكثيرون عندما يسمعون أن قوات أميركية قد تقدمت على الموقع الفلاني وتمركزت في المحافظة المعينة, يا ترى أيعقل أن أميركا أصبحت حملاً وديعاً وستأتي بملائكة يحكمون العراق؟! كما يتوقع البعض. أم أنه مجرد تمنٍ للخلاص ولا تهم العاقبة؟ كما كانت الناس تتمنى زوال النظام السابق .. لماذا يكون الإصلاح لدينا دائماً عبارة عن مؤامرات تحاك في الخارج؟ ولماذا لا يوجد مشروع وطني يضم الجميع؟ إلا أن نكون شعب فاقد للإرادة لا نمتلك القدرة على التغيير
حقيقة أقولها ليس تهجماً على أحد ولا نكاية بطرف ولكنها قراءة للواقع
إنها الانهزامية المجتمعية التي لازمت النفوس منذ أمد بعيد فلا يتصور أحد أبداً أن الشجاعة أن تخرج مقاتلاً.. فقط فلنفكر بعدد المقاتلين الذين وجدوا على وجه الأرض منذ خلقت البشرية وإلى يومنا هذا, ولنفكر بالطغاة كيف تدفع شعوبها إلى الدمار من ملايين الأفراد في الجيوش وكيف يُسحقون بالات الموت وهم يعلمون أنهم إنما يحاربون دفاعاً عن مصالح الحاكم ونزواته وغروره .
عند ذلك سنعرف أن الشعوب عندما تبتلى بالجبابرة والمنحرفين إنما تعلن ولائها لهم طلبا للأمان وتذهب للحرب ليس شجاعة بل لأن فيها فرصة نجاة قد لا تجدها عندما تكون في مواجهة طغيانهم. إن الشجاعة الحقيقية هي أن تجري عكس التيار لتواجه الانحراف.
فالعجب وكل العجب أن هذا المجتمع نفسه الذي أنتخب وأعاد وانتخب حين أراد الخلاص, ذهب يرتجي الإصلاح والأمان عند حليف بني صهيون ترامب الذي صنعته الماسونية ليحقق أهدافها والذي صرح علناً “أن في العراق مجتمع فاسد لا يستحق هذه الثروات التي في أرضه ويجب أن نستحوذ عليها” فأي هوان أكبر من هذا.
إن ملك مصر أنقذ بلاده من القحط بمشورة عبد سجين رأى فيه الحكمة والسداد ولم يكن يعرف أن يوسف ـ عليه السلام ـ من الأولياء
وها هي بين أيدنا مواقف ومؤلفات وبيانات المرجعية التي تنتمي للإسلام ولمحمد وال محمد ـ صلوات الله عليهم ـ والتي عانت اشد المعاناة لأجل الدين والوطن ووحدة الأمة
فلم يكن احد قد عانى من ظلم وجور الحكومات, سواء الحكومة السابقة أو حكومات الاحتلال الحالية كما عانت مرجعية المحقق الأستاذ السيد الصرخي الحسني ومريدوها, حيث السجن والحكم بالإعدام والتشريد والتطريد, إلا أن ذلك لم يجعل المرجع يتجه للتطرف كردة فعل لما حصل معه أو يستجير بجهة دولية أو طرف سياسي, لأنه إنما وقف بوجه الانحراف لأجل المبادئ التي لو طلب الأمان لنفسه لباعها كثمن لذالك الأمان .. فلا يأمن الإنسان في دول الانحراف إلا وقد باع مبادئه .. فكيف إذا كانت تلك المبادئ هي رسالة النبي الخاتم ـ صلى الله عليه وآله ـ وتضحيات الأئمة ـ عليهم السلام ـ من أجل القسط والعدل بين الناس فمن المؤكد أن الثبات على المبادئ يصبح صبراً على أمر الله ورضا بقضائه وهذه هو دور المرجعية الرسالية وإنها درجة قال عنها تعالى {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت : 35]
أقول ليس المرجع رئيس وزراء ولا وزيرا للداخلية ولا للصحة أو غيرها وليس سنداً لهم ولكن المرجع عصمة للأمة من الفرقة والانقسام به يتوحد أبنائها ويكسروا طوق الطغيان وتكون القوة لهم فلا يحكمهم حاكم إلا وهو اضعف منهم يطلب رضاهم, عند ذلك كلما زاد الوعي والمعرفة وزاد الإخاء والتعاون كلما عرفنا الطريق السليم وسرنا باتجاه فلسفتنا معرفياً لإقامة حياة عادلة كريمة. قال تعالى {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس : 98]