4 نوفمبر، 2024 9:38 م
Search
Close this search box.

عوة لتشريع قانون يجرم الفكر والتكفير الطائفي

عوة لتشريع قانون يجرم الفكر والتكفير الطائفي

في مراحل متأخرة من التاريخ شرعت في بلاد الرافدين اولى القوانين المدنية في تاريخ البشرية فقد سنت وكتبت وطبقت   في العراق اقدم الشرائع والقوانين في العالم وهذه بالتأكيد ميزة عظيمة تؤكد الدليل العلمي على مستوى التقدم المدني والحضاري الذي كانت قد وصلت اليه المجتمعات العراقية في ذلك الوقت والتي سبقت غيرها من المجتمعات المدنية بحقب وقرون عديدة .وعلى الرغم من ان قانون حمورابي الذي شرع بين اعوام 1792ـ1750 ق .م هو القانون الاكثر شهرة وانتشار في العالم ،الا ان قوانين عراقية اخرى هامة قد شرعت وطبقت قبل ذلك القانون مثل قانون اورنمو الذي شرع بين اعوام 2111ـ2094ق.م وقانون اشنونة عام 1950 ق.م وقانون لبت عشتار بين الاعوام 1934ـ1923ق.م .والقانون الاشوري .
واذا كان وجود القوانين والتشريعات احد الدلائل الاكيدة على التقدم المدني والحضاري والاجتماعي في اي مجتمع من المجتمعات ،فأن اسلوب التشريع ومنهجه وطبيعة العقوبات بحق الجرائم المرتكبة والمخالفات هو انعكاس مباشر ودقيق للطبيعة المسلكية والاخلاقية السائدة في ذلك المجتمع فالمجتمع الذي تستحكم فيه اساليب العنف ومناهج السلوك الدموي والقسوة والحروب والعدوانية لابد و ان تنعكس تلك المظاهر على صياغة وطبيعة القوانين والتشريعات والعقوبات المفروضة على الجرائم والمخالفات السائدة فيه تماما كما تنعكس على النشاطات والفعاليات الاخرى …كالثقافة والفنون والعمارة الهندسية وغيرها ومن هنا فأننا نستطيع ان نحدد ان المجتمعات تكيف قوانينها حسب متطلبات وضرورات المرحلة التي تمر بها من ارهاصات وتعقيدات  ومهما يكن من امر فان تلك البدايات الاولى للتكون الحضاري والمدني  في تاريخ البشرية قد تمت وانجزت جميعاً في عهود الحضارات التي قامت في ارض الرافدين ،حضارات سومر وبابل واشور والتي اصبحت معروفة في جميع انحاء العالم الان. هذا ناهيك عن ما جاء به الاسلام من شريعة متكاملة قابلة للتطبيق تحت كل ظروف وفي كل عصر وضعت حدود شرعية لكل الجرائم والاخطاء والمخالفات في ضوء قانون الهي لاتشوبه نواقص  فقد عالجت الشريعة الاسلامية كافة نواحي الحياه وحتى انها تناولت بشكل مفصل الجزاءات والعقوبات وقننت الجرائم كل حسب جسامه ضررها  في قانون دقيق لم يتناول جرائم القذف والسب فحسب  بل ان النص القراني كان ادق من ذلك فقوله تعالى  (لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم  ) دليل شريعة كفلت الحفاظ على كرامة الانسان وسمعته   من الناحية الاجتماعية وحتى نفسية  قبل ان تخوض في ما هو اهم  وهوالحفاظ على جسم الانسان من الاعتداء عليه واكثر من ذلك جرمت الاعتداء على ارضه وعرضه ودينه من ناحية اخرى عالجت جريمة الحرابة وقطع الطريق  وجريمة الترهيب والاغتصاب والاقتتال ونشر الكراهية والفتنه تحت اي مسمى(الفتنه اشد من القتل )وفي التشريعات الدولية المعاصرة منها ما تأخذ بنص التشريع الالهي السماوي ومنها ما تكيف تلك التشريعات وفق متطلبات ظروفها المحيطة بما يلائم تطبيقها بشكل علمي سليم يخدم المجتمع ويحقق الاهداف  المرجوة من تطبيق القوانين .
وهنا يمكن ان يبرز الينا تساؤل حيوي وهام : كيف لنا ان نكيف من ضمن التشريعات الحديثة المطبقة في العراق حاليا قانون  العقوبات العراقي  رقم 111لسنه 1969 فلو  قورن مع ما تمر به البلاد من ازمات فانه يفتقر لأبسط رادع عن هذه الجرائم المتفشية في المجتمع  العراقي فالتشريع اليوم بات منقوصا و لانه لا ينسجم مع ما تشهده البلاد ولامع الاحداث الدموية  من تخندق وتحزب واقتتال باسم الطائفية دون ردع قانوني صارخ بوجه هذه الاحداث   ليجرم تلك الظواهر ولم يصدر مجرد قرار يمنع او يردع  تداول مصطلحات طائفية   او سن قانون لتجريم  و لاستئصال الفكر والتفكير الطائفي,

والتحريض على الطائفية والفتنه والدعوة ألى الاقتتال والعمل على التخندق الطائفي واشاعة روح الكراهية والبغضاء سواء كان ذلك عملا مسموعا او مقروء او مرئيا او من خلال لقاء او حديث عابر او حتى جلسة عامه او حتى حديث في مقهى او منتدى او وعظ ديني او حديث او مقال في شبكة التواصل الاجتماعي
من  خلال  ادراج تلك الافعال ضمن الجرائم الماسة بامن المواطن ويجب ان يدخل ضمن باب الجرائم الماسه بأمن الدولة  وان يتم معاملتها كجرائم من الدرجة الأولى مهما كانت صفة الشخص ولا حصانه لاحد في هذا الموضوع بما في ذلك السب والعن والتشهير لاي رمز من اي طائفة او اطلاق صفة او الصاق تهمه او تحريف حديث او إصغاء لفتوى مغرضه والتبشير بها او نشرها بأي وسيلة اعلام مقروءة او مرئية او مسموعة  وتجريم هذه الافعال وايقاع اقصى العقوبات واعتبارها جرائم مخلة بالشرف وماسه بامن الانسان .ليكون القانون انعكاسا حقيقيا لطبيعة وسلوك واخلاق المجتمع اليوم فقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنه 1969 بات منقوصا ويحتاج لعلاج دقيق هذه دعوة لسن تشريع  يتماشى ويعالج  ما يمر به البلد من عنف واحداث دموية باتت يومية دون ان تتوقف ولايمكن لها ان تعالج دون ان يوضع تشريع صارم للحد منها .
[email protected]

أحدث المقالات