ان الانتصارات المتحققة في الانبار او على الجبهات الاخرى سوف تستمر حتى تحقيق النصر النهائي على تنظيم داعش ، ودخول مدينة الموصل (باْذن الله ) خصوصاً مع التطورات السريعة على الارض كالأنزال الجوي الذي قامت به القوات الامنية العراقية والكردية مدعومة بالقوات الامريكية في كركوك وقتل قيادات مهمة في التنظيم ، الامر الذي جعل الانتصارات النوعية تعطي زخماً لقوة وهيبة الدولة والحكومة ، كما ان المشاركة الفاعلة للحشد الشعبي وهو السباق في عملية التحرير ، من خلال المهمات المناطة به في مسك الارض ، وقطع الإمدادات عن تنظيمات داعش ، مما سهل دخول القوات الامنية وحسم المعركة ، ومع ان الحشد الشعبي لم يشترك في معركة تحرير الرمادي وذلك بسبب إرادات سياسية داخلية وخارجية حالت دون تدخله في عملية تحرير المدينة ، ولكن رغم ذلك فالحشد الشعبي موجود ، ويمارس دورا بطوليا وعلى مختلف الجبهات .
يمكن قراءة الانتصارات المهمة والمتحققة على الارض ، ووانتهاء وجوده على الأقل في الساحة العراقية من خلال :-
١) انتهاء الدعم الدولي المقدم لهذه التنظيمات وهذه الجماعات الارهابية مثل السعودية وتركيا ، الامر الذي سبب انتكاسة كبيرة بين صفوف الدواعش ، وظهور الصراعات الداخلية فيما بينهم ، مما اثر بالسلب على تماسكه وانتشار مسلحيه على الارض .
٢) ضعف البيئة الحاضنة ، والتي كانت سبباً في انهيار المنظومة الداعشية ، بمعنى تكشف نوايا داعش التي كانت الأهالي تعتقد ان داعش تحمل الامن والامان للمناطق التي دخلوها ، ولكن وبعد دخولهم وجرائمهم بحق الأبرياء تكشفت نواياهم ، مما جعل تلك الحاضنة تضعف وتنتهي وتنكشف هذه العصابات امام تقدم القوات الامنية ، كما ان بعض المسلحين هربوا من داعش وعادوا الى بيوتهم مما ساهم في تشرذم هذه العصابات .
٣) الموقف السياسي الهش والغير موحد من قبل الكتل السياسية كافة ، والتي بعضها يتبنى الفكر الداعشي ويعتبرونه فكرا ثوريا ، والبعض الاخر الذي يعتقد بضرورة الوقوف بوجه لانه فكرا تكفيريا لا يؤمن سوى بلغة القتل والذبح ، واما القسم الاخ. فهم الجهة التي تتبنى الموقف المحايد وتعتقد ان لا علاقة لها بالأمر ، ولكن بعد الجرائم الخطيرة التي ارتكبتها التنظيمات الارهابية في الشمال والغرب ، اجمع الجميع على ان داعش خطر ويجب الوقوف بوجه وطرده خارج البلاد وانهاء وجوده .
ان داعش بدا في نهايته ويسير نحو إنهاء وجوده كلياً سواء في الساحة العراقية او السورية ، ولكن يبقى التساؤل الملفت هو ما بعد داعش كيف ستكون الظروف خصوصاً في المناطق التي كانت ساقطة بايديهم ، الامر الذي يجعل كل الاحتمالات مفتوحة من ظهور مبدأ الثأر والصراع الداخلي لان بعض مسلحي داعش هم من هذه العشائر ، مما ولّد حالة من العداء بين السكان والعشائر في تلك المناطق وبين المسلحين من نفس المناطق تلك ، كما ان الفترة الأخيرة شهدت تراجعا للتنظيم وفقدانه لبعض مواقع سيطرته، إذ خسر سدا استراتيجيا يقع على نهر الفرات شمال سورية وبخسارة داعش للرمادي، يكون التنظيم تلقى هزيمة كبيرة تجعل القوات العراقية “أكثر شجاعة وقوة”، ناهيك عن الخسائر التي تكبدها داعش، تؤكد تراجع قوته العسكرية، فقد خسر حوالي 40 في المئة من الأراضي التي بسط عليها السيطرة في العراق ، وهذا لا يعني نهاية هذا التنظيم الذي أوجدته القوة الإقليمية والدولية لإيجاد حالة التوازن في المنطقة امام تنامي قوة ايران العسكرية والنووية ، وإيجاد خطوط منع عن سوريا والعراق ولبنان نهائياً ، وهذا ما يكشف سر المخطط الكبير التي من اجلها وجد داعش على ارض العراق ، كما انه سيبقى مسوغاً واضحاً في اعادة انتشار الجيش الامريكي في العراق وتدخلها في المنطقة ، وهذا ما يرغب به ساسة البيت الأبيض ، لان اصل خروجهم من العراق كان ليس بإرادتهم ، واستخدامه كاداة وقت يشاء الغرب والدول الإقليمية ، وربما يعاد نشره في الدول الشمالية (ليبيا ، وتونس وبلاد المغرب العربي ) ، ويكون هو راس الحربة في صراع إقليمي تدخل فيه المذهبية السياسية .