18 ديسمبر، 2024 7:21 م

إذا أردت أن تسقط أمة فعليك بإسقاط علمائها ومتعلميها وخطوط إمدادهما، هكذا هي الحرب الذكية، وبلا نفقات لا يتطلب من أعدائها أية تكلفة، سوى أنها تدير برامج إعلامية وشبكات انترنت ومواقع تواصل بأسماء عربية جذابة، أو من خلال عناوين لصحف ومؤسسات تنال إعجاب الناس وتأييدهم لها، مستغلين بلادة عقول العوام وغفلة الخواص، وهم جنود استعملهم الشيطان لتحقيق مآربه، كل هذه الوسائل هيأت لحوارات ونقاشات ومناظرات وجدالات، ومن خلال قصص مفبركة على أحداث؛ بداياتها حقائق يعرفها القاصي والداني، لتنتهي بالمغالطات والأكاذيب، ويسهل من خلالها خداع الناس واستهواءهم، وعلى الصعيد التجاري كان هناك اجتهاد من قبل أعداء الأمة، بقصد ضرب البنى الاقتصادية، وشريان كل مشروع إنساني، تحت مسميات وتلفيقات، عريّة عن التوثق والمصداقية، (فلان تمده الدولة الفلانية، وفلان تاجر سكائر، وفلان ماله حرام) وهكذا، ليحل محله المال السياسي، وفخاخ المساعدات والتمويلات المشبوهة التي كانت إحدى أسباب ضعف دولة الخلافة العثمانية، ثم ليتولى بعد ذلك هذا المالُ عملية توجيه الأفراد والجماعات، وفق خطط أعدت مسبقاً في مطابخ عنوانها: كيف تقود وتوجه أفكار وعقول الأمم،
“خذه حيث يريد وانتهِ به حيث تريد”،
ومن ثم إسقاط وتشويه وسائل ومصادر التعليم، ونعتها بالتخلف، وعدم مواكبة تطورات العصر، لتحل محلها وسائل تعليم تغذي التطرف بأسلوب ماكر، ومن ثم تغذية الفكر المعادي للإسلام، أو ما يسمى بـ(الإسلامفوبيا) الخوف من الإسلام، ثم إسقاط وتشويه صورة علماء الأمة وقادتها في نفوس الناس، ومحاولة تضخيم مواقف إنسانية لهم جانبهم فيها الصواب، وهي أمور طبعية مما يقع فيه كل إنسان، فيقوم أعداء الأمة بالترويج لتلك المواقف العابرة بأسلوب مخادع، مستغلين الذكاء والتزوير الإعلامي، أو ما يسمى بصناعة الإعلام الذكي، وما أسهل أن يتلقفها العوام والخواص، ليكونوا هم الأدوات التي تتولى وتواصل أسباب الترويج لهذه الأفكار ونشرها، دون التوثق من مصدرها، بل أحيانا تبدأ الاقتباسات من هنا وهناك، ليتولوا مهمة الإضافات الكاذبة عليها، بما يعجل من نجاح هذه الخطط، والنتيجة أن نُلفِي عوام الأمة تلعن تجارها الصالحين، وتحملهم كل أسباب فقرها وتراجعها الاقتصادي، وتلعن علماءها ومصادر تعليمها وأخلاقها، بما يوصلها إلى حالة التيه الفكري، لتصبح العقول خاوية تنتظر من يملؤها بالأفكار المسمومة والمغلوطة، وتحت اسم التمدن والتحضر والخلاص، ثم ليصوروا لهذه الشعوب التائهة وهي في حيرة من أمرها التي تبرأت وتنكرت لفطرتها التي فطرها الله عليها، أن خلاصها في التبرؤ من دينها ومعتقداتها وأعرافها وأخلاقها وعلمائها، ليصبح حالها كحال الغنم بلا راع، فما أسهل أن يتولى الذئب رعايتها، أو ينتهي بها الأمر في مسالخ القصابة، لذلك فلا عجب أن تجد اليوم خواص الناس ومن يُطلق عليهم اسم “النخب” – وليس العوام – ، لا تطيب مجالسهم إلا بلعن علمائهم وكبارهم، وأصبح من غير المستنكر أن تجد أحدهم يستصغر أو يتهكم بشيوخ وعلماء كبار يُشار إليهم بالبَنان، كالشيخ العلامة الدكتور عبد الكريم زيدان رحمه الله، أو الشيخ الصابر الدكتور حارث الضاري رحمه الله، أو المفكر الإسلامي الدكتور محسن عبد الحميد، أو المفكر الإسلامي الشيخ الدكتور أحمد الكبيسي، أو الشيخ العلامة عبد الملك السعدي، أو المجمع الفقهي في العراق، أو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أو رابطة علماء المسلمين، أو الأزهر وشيوخه، وهلم جَراً، وبهذا تحققت الأهداف المقصودة من الحرب الفكرية على عقيدة الأمة وأخلاقها، فحققت نُخب هذه الأمة بذلك عوامل هلاكها وتيهها وضعفها، وأن يترأس مقاليدها لكع ابن لكع، ليصدق قوله صلى الله عليه وسلم:
“لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع”
ولكع بن لكع هو: اللئيم ابن اللئيم، أو هو: رديء النسب والحسب، وقيل: من لا يعرف له أصل، ولا يحمد له خُلق.
أو كل رويبضة أو صاحب مراهقة فكرية.
“والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون”.
………………………
email:
[email protected]

Sent from Yahoo Mail on Android