18 ديسمبر، 2024 6:48 م

عواصف رملية إرهابية

عواصف رملية إرهابية

اقترن التطرّف في العقدين الأخيرين بالاعتقاد، واعتُبر الفكريّ منه، المحرك الأول لتوجيه سلوك الفرد.

لكن التطرّف الفعال في الفرد ليس فكرياً، حسب، بل بيئةً وأداةً.

وإذا كان بعض العنف وليد تعصّب اعتقادي، فانّ الكثير من السلوك اليومي العنفي هو نتاج ظرف قاسٍ يؤثّر في المزاج ويدفع الى الغلواء.

البيئة الوسطية تحفّز على التوازن، فتجد سكانها على رغبة شديدة في التعايش والتمتّع بتفاصيل الحياة، وانتهاج الوسطية في العقائد.

الذي يعيش في الغابة الخضراء، ليس كمَن يعيش في الصحراء المجدبة، فتجد الأول سلِسا متجاوبا، فيما الثاني متعصّبا جلِفا..

كما انّ الذي يحرص على استنشاق الزهور من حوله كل يوم، وسقيها ورعايتها، لهْو أكثر استعدادا لاستيعاب جمال العيش وحسنه من الذي يلتفت فلا يجد حوله سوى الرمال والأحجار ومخلفات الصناعة والزراعة.

نحتاج الى لجم البيئة المتشدّدة والظروف القاسية، تماما مثلما نحاصر الفكر المتزمّت، فحيث انّ أيدولوجيا التعصب تستقطب الجماعات المتزمتة، فانّ البيئة الجافة تحفزّ الأشواك، وتحرّض القسوة.

وحيث انّ حاملي الغلوّ في الفكر يقتلون الناس كيفما يشاءون، فانّ العواصف الرملية في بلدان التطرف المناخي، لا ترحم.

وليس مصادفة أنْ يقترن وجود داعش، وقطاع الطرق بالصحارى القاحلة وهوامش المدن المنسيّة، والجحور الرطبة.

نحتاج الى زراعة الأشجار والأزهار في المدن والضيعات والقرى، والبراري لأنها تلطّف ليس المناخ، فحسب، بل الروح، وتخفّض ليس حرارة الجو، فقط، بل تخفض مناسيب الملل الضجر، والكراهيات على أشكالها.