أرى أن هذا الموضوع يستحق التمعن فيه، وما فيه هو نموذج لما يحدث من تلاحم حقيقي بين أبناء الوطن الواحد، وهو شهادة تاريخية تحكي وطنية وإنسانية أبناء الوسط والجنوب من العراق والذي تسكنه غالبية شيعية، وأن هذه الحالة وغيرها بالآلاف مغيبة عمداً عن الإعلام لأسباب طائفية أيضاً، وهذا التغييب المتعمد هو لمزيد من التمزق والتشرذم بين أبناء الوطن الواحد.
لقد كنت ولازلت أرد على من يتهمنا بالطائفية بالقول أن كل المهجرين يشكون من سوء معاملتهم وفي كل مناطق غرب وشمال العراق، ولكن لم يحدث في يوم أن خرج أحد المهجرين في مناطق الوسط والجنوب ليشكو حاله للإعلام، وقلت عليه أن أبادر للقاء هؤلاء المهجرين ونشر بعض ما يجري عليهم، ولو ضمن منطقتي الجغرافية، وقد التقيت برجل كان يبكي بحرقة وألم مما أثار فضولي لمعرفة سبب بكائه والتقيت به، والغريب أن سبب بكائه هو ما لاقاه من ود وحنية وإنسانية من عوائل المنطقة التي كان يسكن بها وقال لقد قتلني بكائهم علينا حينما ودعناهم حيث نعود إلى ديارنا بعد تحريرها وهو من منطقة العلم، وهذا رابط فديو اللقاء به أضعه بين من غادرته الوطنية ولمن يتهمنا بالطائفية
https://www.youtube.com/watch?v=7DRwavyizYg
وبعد هذا اللقاء التقيت بشخص من أهالي الأنبار وهو مدرس وقد تحدث كثيراً عن ما لاقاه هو وعائلته وعوائل أشقائه من خدمة ورعاية قال إنها ليست غريبة عن أهل الوسط والجنوب، وطلب عدم ذكر اسمه عند نشر الموضوع لأسباب أمنية، حيث لايزال بعض أفراد عائلته يقاتل في الأنبار، ووعدني بكتابة تقرير مفصل عن رحلته ورحلة عائلته في هذه المنطقة، وبعد ثلاثة أيام من اللقاء أرسل لي عن طريق إدارة مزار الحمزة الغربي(ع) هذه الرسالة أضعها أمام أنظار الجميع لكي يطلعوا على ما خفي عمداً من وطنية أبناء الوسط والجنوب وعدم طائفيتهم، وتشرفهم بخدمة اخوانهم أبناء الغربية وعوائلهم وهذا نص الرسالة وصورة منها:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أهلي وأحبتي في ناحية الحمزة الغربي وفي الجنوب عامه
م/مشاعر نازح أنباري
بعد أن طبل تجار الفتنه والطائفية وصوروا للعالم بأن هناك عداء وحقد بين اطياف الشعب العراقي، وخصوصاً الوسط والجنوب، وعندما شاءت الأقدار وأجبرت أبناء الوسط(أبناء العامة) على النزوح فتوجهوا إلى اخوانهم أبناء الفرات الأوسط والجنوب، متحدين بذلك ادعاءات وأكاذيب أهل الفتنة والطائفية، وعندما وصلوا إلى أولئك الناس البسطاء والذين يحملون الطيبة العراقية الفطرية ،اذ أني أحد أبناء محافظة الأنبار أنا وعائلتي وأخواني وعوائلهم وبعد أن جرحنا في المعركة أنا وأبنائي الاثنين توجهنا إلى أهلنا في الحمزة الغربي وكانت تربطنا بهم علاقة سابقة فاستقبلونا في سيطرة كربلاء المقدسة على طريق النخيب وأكملوا لنا مطاليب الدخول وضيفونا في بيوتهم في حي الجمعية وبعدها نقلونا إلى أخوانهم في منطقة (ألبو عبد الله) قرية ألبو دوخي حيث استقبلونا بحب وحنان وشوق نعجز عن وصفه، وليس بجديد على الطيبين وكانوا يتسابقون على إستضافتنا في بيوتهم وبعد ذلك جهزوا لنا بيت جديد قيد الإنشاء ينقصه الماء والكهرباء وهو بيت الأخ الذي لن ننساه أبداً السيد ميثاق راجي صايل وقالوا اعتبروه ملكاً لكم إلى أن يفرج الله عنكم فاغرورقت الدموع في عيوننا وقد إمتزجت دموع الفرح مع دموع الحزن وتعانقت الأرواح قبل الأجساد ومُسحت دموعنا بأكف حنينة تحمل بين أصابعها كل معاني الود والأخوة الصادقة مكذبة بذلك تصريحات أصحاب الفنادق والمنتجعات السياحية في عمان وأربيل من دعاة الحقد والطائفية وتباً لهم ولتصريحاتهم وتباً لمن والاهم. وعند استقرارنا في البيت الجديد بدأت تنهال علينا احتياجات البيت من فرش واجهزة كهربائية ومواد غذائية حتى امتلأ اليت بها وعندما تفقدونا وجدوا ابن أخي محمد حسن والذي يبلغ من العمر 14 سنه قد كسرت ساقه بطلق ناري في المعركة مع الدواعش فسارعوا في
عرضه على طبيب مختص يحمل كل معاني الإنسانية والطيبة العراقية الصادقة وحيث أجرى العملية تسابقوا على التبرع بالدم واسرع آخرون الى جلب طعام الغذاء وانتظر الباقون الى ما نحتاج اليه فيما بعد وكان ذلك في مستشفى الحياة الأهلي في محافظة بابل العزيزة فيا لها من أخوة صادقة حيث ان هذه الوقفة المشرفة تعتبر لطمة على أفواه الطائفيين وتجار الحقد والطائفية فهذه طيبة العراقيين الأصلاء وعززتها كلمتهم الشهيرة التي جاءت على لسان المرجعية الرشيدة والتي أثلجت الصدور واطفأت الفتن وأثبتت حسن النوايا والتي قالوها مدوية بأن(لا تقولوا اخواننا بل قولوا أنفسنا) فماذا نقول نحن وبماذا نعبر فأقول( أنتم أرواحنا) لعلها تعدل جزءً يسيراً مما قلتموه بحقنا ، أقولها باسمي ونيابة عن شيخنا المقاتل رافع عبد الكريم شيخ قبيلة ألبو فهد ونيابةً عن كل أخواننا النازحين من القبائل الباقية الذين سكنوا الجنوب من الشرفاء الذين رفعوا السلاح بوجه الظلم والطغيان أرواحنا فداكم يامن ضمدتم جراحنا وأنسيتمونا آلامنا ودمائنا التي روت أرض الأنبار الطاهرة ألف تحية لكم جميعاً وألف تحية من الأعماق لمن أسكنوا وأطعموا أطفالنا قبل أطفالهم.
وعندما نلتقي أو نتصل باخواننا الذين نزحوا إلى باقي المحافظات الجنوبية نسمع منهم ما يسر النفس ويثلج الصدور وكما ذكرت أختنا العزيزة أم مؤيد بأنهم يتسابقون على خدمتنا وتقديم يد العون لنا جميعاً اذ أن بعضهم ركن عائلته في نصف البيت وأسكن عائلة نازحة في النصف الثاني وقاسموهم أثاث ومحتويات البيت فماذا نقول اذ عجز اللسان عن الوصف وجف القلم بتسجيل المواقف الخيرة والنبيلة.
فنقول ألف تحية لمجلس محافظة بابل رئيساً وأعضاءً ، ومحافظةً بدءً بمحافظها وإلى آخر موظف فيها وأجهزتها الأمنية ممن تعاونوا معنا، وتحية من القلوب المنكسرة الى الأخوة الأطباء والكوادر الصحية وبالخصوص الذين مسحوا دموع اطفالنا بأكفهم الحنينة وألف تحية معطره بعطر الياسمين للأخوة كَوام وخدام المزارات الشريفة ومعهم السادة الأشراف الذين وقفوا معنا بمواقف طيبة ونبيلة اذ إنهم يستمدون ذلك من الأئمة الأطهار الأخيار ومن المرجعية الرشيدة السبّاقة بفعل الخير ومد يد العون للأرامل والأيتام والمعوزين من النازحين وألف تحية من صميم القلوب إلى رئيس وأعضاء مجلس ناحية الحمزة الغربي ممن وقفوا معنا وانسونا همومنا وآلامنا وإلى إدارة الناحية المذكورة بمديرها وموظفيها وأجهزتها الأمنية ومخاتيرها لمواقفهم الطيبة وألف ألف تحية لشيوخها الأفاضل اعضاء مجلس الاسناد في تلك الناحية العزيزة والذين اشركونا معهم في جلساتهم ووجهوا لنا دعوات خاصة لتبادل الحديث وتوضيح ما جرى على أرض الأنبار الطاهرة وألف تحية إلى أهلنا في قبيلة ألبو سلطان وللقبائل والعشائر التي تتفرع منها وإلى من سكن معهم وجاوروهم من القبائل العربية العراقية الأصيلة ، تحياتنا واحترامنا لهم جميعاً ولكل من سكن بجوار ذلك الامام الجليل الطاهر الحمزة الغربي وبقية الأئمة الأطهار رضوان الله تعالى عليهم جميعاً .تحية لكل العراقيين الشرفاء الذين يحرصون على أمن وسلامة هذا البلد العزيز، هذا واني ألتمسكم عذراً ان نسيت او قصرت بحق احد من اهلنا وأخيراً تقبلوا تحياتي
النازح من الأنبار
قبيلة ألبو فهد