الكرم صفة من صفات العربي وسجية من سجاياه الكريمة ، فهي تجري في عروقه كشهامة وإباء وعزة للنفس وإغاثة للملهوف… وقد تجسدت هذه المعاني السامية في شخصية رمز الكرم العربي حاتم الطائي
وعندما جاء الإسلام مدح الكرم وحثّ عليه ، فأضفى إلى هذه القيمة الاجتماعية أبعاداً دينية وروحية فقال الله في كتابه العزيز (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ – الآية – 24- 26 – الذاريات ) الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام اثنى على خُلق الكريم حين قال لسفانة بنت حاتم الطائي: (أخلوا عنها فإن أباها يحب مكارم الأخلاق).
اما أمير المؤمنين علي (ع) فقد قال 🙁 ما من مؤمن يسمع بهمس الضيف ويفرح بذلك إلاّ غُفرت له خطاياه ، وإن كانت مطبقة ما بين السماء والأرض) , الائمة المعصومون(ع) شجعوا على اكرام الضيف ورغّبوا في آداب الضيافة ، كون الضيافة والسخاء من الأمور التي تزيد الترابط والود بين الناس وتقوي أواصر المحبة والألفة بين الأصدقاء ، وتستل الضغينة من القلوب وتبعث على التراحم وترقرق القلوب وتهذب النفوس لما فيها من تواضع وتأدب واحترام يظهره المضيف أمام الضيف .
الكرم من شيم احفاد سومر من ابناء الجنوب اتباع مذهب اهل البيت الذي علموهم ان يؤثرون الغير على انفسهم حتى وان كان فيه خصاصة ففي احداث 1991 عندما انهزم الجيش العراقي في الكويت كيف استقبل ابناء البصرة وميسان وذي قار وواسط ضباط صداع المنهزمين وقدموا لهم الطعام وضيفوهم وزودهم بالبانزين ليصلوا الى اهلهم سالمين في تكريت والرمادي والموصل ,والى اليوم لازالت مدن الجنوب تضيف اهل المثلث الغربي من المقاولين وسواق الشاحنات واصحاب الشفلات والكريدرات الذين يعملون في مناطقهم علاوة على انهم استقبلوا العوائل النازحة من الموصل مسلمين ومسيحين ويزيدين واليوم يعلنون عن استقبالهم لاهالي الانبار خاصة في مدينة العمارة فقد وجه الشيخ باسم المالكي الدعوة لمن يحب من هذه العوائل أن يذهبوا في ضيافته وضيافة أهله وقبيلته في ميسان وقال لهم بالحرف الواحد إن قلوبنا وبيوتنا تشتاق إلى لقائكم …نعم القلوب البيضاء الرحيمة المحبة لاهل الجنوب نست وتناست , كيف كتب على دبابات البعث ( لا شيعة بعد اليوم ) ودفن رجالنا ونسائنا وحتى اطفالنا وهم احياء وظهر الحقد الطائفي كله في الانتفاضة الشعبانية , لقد فعلها بعض من الضباط الذين ضيفناهم في بيوتنا … اليوم ننسى مجزيرة سبياكر رغم لم يمضي على حدوثها الا اشهر وكيف ارشدت عوائل تكريتيه الدواعش على الجنود المختفين؟ وعوائل قتلت منهم واخرى رفضت ضيافتهم مع اننا نشهد هناك عوائل شريفة ووطنية حمت بعض هؤلاء وانقذتهم ولكن كم عددها ؟ في حين ليقول لي احد منهم ان عائلة اساءت لضابط عام 1991 او رفضت ضيافته او مساعدته ؟ هذا الكلام لا اريد افتح به جرحا ولا اريد ان احرض من خلاله على حقدا بل اقول يجب الحيطة والحذر من الايادي المسمومة بداء الحقد والطائفية من امثال ابن عكاب الذي سب القوم واحتمى بديارهم ومن شخص مهجر في الناصرية القي القبض عليه وهو يحمل جهاز لاسلكي يتصل به بداعش مثل هؤلاء الشرذمة لا تفيد معهم الضيافة ولا الكرم طباعهم فاسدة وقلوبهم حاقدة فلا ينفع معهم لا الادب ولا الاديب وعلينا ان لا نلدغ من الجحر مرتان … في الختام نحن لا نلوم ولا نعترض بل نبارك لاهل الجنوب وقفتهم الانسانية والاخلاقية اتجاه النازحين بالامس لاهل الموصل واليوم لاهالي الانبار لانه موقف يستمد من خلق اهل البيت وانسانيتهم وكرمهم وايثارهم الذي قال فيهم الشاعر ابن الصيفي
ملكنا فكان العفو منا سجيـــة *** فلما ملكتم سال بالدم ابطــــــح
وحللتم قتل الاسارى و طالما *** غدونا عن الاسرى نعفو و نصفح
وحسبــــكم هذا التفاوت بيننا *** و كل انــــــاء بالذي فيه ينضح
والدعوة التي وجهت من هنود العمارة كما قال عنهم المغبون طه اللهيبي الملتهب حقدا وطائفية هي دعوة كرماء لأن الشجاع عندما يتمكن يعفو ويغفر كما فعل الامام علي (ع) مع معاوية في حرب صفين فقد اباح له الماء وكان معاوية قد منعه عندما كان معسكره على الفرات فنحن قومٌ ابت اخلاقنا شرفأً أن نبتدي بالعدى من لم يعادينا.