“نقلت احدى الطبيبات في احد مستشفيات الولادة قالت؛ كنت في خفارة؛ وعند منتصف الليل جاءت الينا حالة ولادة لفتاة لم تكمل العشرين من عمرها، وعندما اقتربت منها كي اعاينها،
قالت الفتاة؛ “الله الله باليتيم” تفاجئت!
فقلت؛ ماذا تقصدين؟
فقالت الفتاة؛ ان الذي في بطني يتيم عمره ستة اشهر! واستشهد والده في الحشد الشعبي اذ كان يدافع عن الوطن، واسماه قبل ولادته واوصاني به.
صمتت الفتاة والدمعة في عينيها، وقالت؛ “تصوري انه طفلي الاول والمفروض ان يكون فرحة عمري ولكن قدره ان يولد يتيم، وقدري ان ابكي لحظة ولادته عكس كل الامهات”.
أسئلة كثيرة قد تخطر لدينا؛ فبعد أن ضحى الشهيد بنفسه دفاعا عن الوطن والعرض، هل يوجد احد يهتم بأبنه اليتيم من الحكومة، بمستوى التضحية التي قدمها والده؟
وهل هنالك من يتكفل بتلك الام او الاب او الزوجة بنفس ما كان وجوده كافلا لهم؟
عوائل شهداء الحشد الشعبي يعانون من مشاكل كثيرة، اهمها المعيشية، فقد فقدوا من كان يعينهم، وبعد رحيله كثرت المعانات وتراكمت ازمات الكثير من العوائل.
السبب الاكبر في كل ما يجري؛ هو ضعف الحكومة وفسادها، وعدم اهتمامها بعوائل الشهداء حتى وصلت المهزلة الى توزيع لهم اراضي وهمية!
لو وضعنا مقارنة بين عوائل الشهداء في الدول القريبة من العراق واخذنا لبنان على سبيل المثال لا الحصر، نجد ان عوائل الشهداء يتم التعامل معهم بأحترام وتقدير عال، حيث يصرف لهم راتب شهري ويسلم الى دارهم، كذلك المواد الغذائية تصلهم للبيت كل شهر، ويوضع اطفال الشهيد في ارقى المدارس وتوفير وسيلة نقل لهم، كما يتم شراء بيت لعائلة الشهيد او قطعة ارض وبنائها، كذلك توفير السبل المعيشية الكريمة لهم إكراما لما قدموه وجادو بأنفسهم للدفاع عن بلدهم -كما نقل لي الكثير من الاصدقاء هناك-.
للأسف أن عوائل الشهداء تعاني من كثرة الروتين المقيت في الحكومة، فيقطع رواتبهم لعدة أشهر او السنة والشواهد كثيرة، مما يدفع ابن الشهيد إلى بيع الماء في الشارع او دفع عربة في السوق، وترك المدرسة حتى يعيش اخوته الايتام، وكثيرا ما تراهم في تقاطعات السيارات يلتحفون الارصفة من التعب؛ رغم صغر أعمارهم! عوائل الشهداء وبالاخص شهداء الحشد الشعبي يعيشون حياة صعبة بسبب استشهاد معيلهم، وخذلان الحكومة لهم، لا بل يصل الامر الى حد التنكيل بالشهيد بأن يباع قبره عليه!