18 ديسمبر، 2024 8:51 م

قبل أيام إعتصم عدد من المهندسين العاطلين أمام وزارة النفط، للمطالبة بفرص عمل، ظناً منهم أن الوزارة الأغنى في العراق، ومصدر ميزانيته الوحيد، قادرة على إستيعابهم، تحت أي عنوان يحقق لهم مورداً معيشياً، سواء أكان يلائم تخصصهم العلمي أم لا، المهم عمل والسلام، لكن مثل أي إعتصام سابق، وتظاهرات خرج بها العاطلون، أعلنت الحكومة عجزها بصمتها المطبق، تاركة لهم حق الهتاف، وقطع الطريق، الى أجل مسمى، فيما أحاطت بهم قوات الأمن، لحمايتهم، أو الوثوب عليهم بحسب الأوامر العلية، التي تقتضيها ظروف المرحلة، لفض الإعتصام، وفك الزحام.
الحكومة، بمؤسساتها، الغنية والفقيرة، الإنتاجية والخدمية، غير قادرة على توظيف كل العاطلين، من الخريجين، وغير الخريجين، بل أن الدولة العراقية تعيش حالة تخمة من الموظفين، وانعكس هذا الأمر سلباً على موازنتها الإنفاقية، كلنا نقر لها بذلك، ونرفع لها الراية البيضاء، لكن تخلفها عن رسم سياسة إقتصادية، تعبر عن شكل النظام الإقتصادي، وطبيعته، تضعها في دائرة المسؤولية الإجتماعية، ولاسيما الفقر الذي تجاوزت نسبته 35 % ، بحسب التقارير الرسمية، فيما بلغت نسبة البطالة 60٪ بين قطاع الشباب (17-25)، وإزاء هذه المؤشرات يكون العراق بين أدنى 5 % من دول العالم، برغم ثرائه النفطي، الذي وضع بصمته على طبقة محددة من المجتمع، ما يخشى أن يحمل المستقبل القريب بوادر الصراع الطبقي.
خلال 14 سنة، لم نشهد تغييراً للنظام الإقتصادي الذي كان سائداً قبل 2003 ، برغم الطروحات التي كانت تتحدث عن التوجه نحو الإقتصاد الحر، وتدعيم القطاع الخاص، وفتح مجالات الإستثمار المحلي والأجنبي، بل أن شكل النظام اليوم أشبه مايكون بالوليد الهجين، الذي لايعرف الى من ينتمي، ربما الى النفط فقط، وبالتالي أي إهتزازات في أسعاره ستدخل البلاد في أزمة إقتصادية، كما هو حاصل الآن.
وعوداً الى إعتصام العاطلين، فإننا بحاجة وطنية لإستثمار هذه الطاقات في إنعاش الإقتصاد العراقي، عبر إنشاء فرص عمل جديدة، لتوسيع الإنشطة الإقتصادية، واستيعاب الأيدي العاملة، والذي ينبغي أن تسهم فيه الدولة، بصفتها الطرف الأقوى في العملية الإقتصادية، لإنشاء مشاريع صغيرة، ومتوسطة، ترفد السوق بالمنتج العراقي، وتعيد تشكيل الصناعة الوطنية على غرار ورش عوائل الإنتاج التي نمت وانتشرت في دول شرقي آسيا، حتى تعاظمت وأصبحت شركات كبرى، غزت منتجاتها السوق العالمية، والسوق العراقية شاهد عليها.