23 ديسمبر، 2024 2:58 م

عهد علي وعهد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند .. خيانة العهد والميثاق هي خيانة لمبادئ المرء, وندبة سوداء بضميره

عهد علي وعهد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند .. خيانة العهد والميثاق هي خيانة لمبادئ المرء, وندبة سوداء بضميره

ان قضية الوفاء بالعهد والعهود التي يقطعها الإنسان مع الاخرين والمجتمع الذي يعيش فيه ,والعهد الذي يقطعه المرء مع ذاته ,هي مسالة أخلاقية أكدت عليها جميع الأديان السماوية والشرائع والسنن وحتى العرف لان الموضوع يشكل بحد ذاته جوهراً أساسيا في معيار صنع وبناء الانسان ,ولذلك نجد حتى الشعوب التي لها ديانة وضعية تحترم العهد وتضعه معياراً رقم واحد في أولويات تعاملاتها مع سائر الدول والمجتمعات ,فقول الله (وأفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا) حتى الرسول (ص) حث على العهد بقوله (يجيء كل غادر بإمام يوم القيامة مائلاً شدقه حتى يدخل النار) وقال: (ألا إنه ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته)و(لكل غادر لواء يوم القيامة) وقال (ص): (ألا أخبركم بخياركم؟ خياركم الموفون بعهودهم)وعن الأصبغ بن نباته قال: قال أمير المؤمنين (ع)) ذات يوم وهو يخطب على المنبر في الكوفة: (أيها الناس لولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس إلاّ أنَّ لكل غدرة فجرة، ولكل فجرة كفرة، ألا وإنَّ الغدر والفجور والخيانة في النار ) فالبوذي والسيخي وعبدت النار والشيطان وغيرهم من الديانات نجد تعاملهم بصدق في كافة أمورهم الدنيوية لان الوفاء بالعهد هو نفسه عند الديانات السماوية اليهودية والمسيحية والاسلام,فالاختلاف معهم يكمن بعبادة الله تبارك وتعالى وهذا يؤكد قول الباري (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) فالسيد الخوئي يفسر قائلاً 🙁 ان المراد بالإكراه في الآية ما يقابل الاختيار ,وان الجملة خبرية لاانشايئة ,والمراد في الآية الكريمة هو بيان ما تكرر من ذكر في الايات القرآنية الكريمة ,من ان الشريعة الإسلامية غير مبتنية على الجبر,لا في اصولها ولا في فروعها وإنما مقتضى الحكمة إرسال الرسل ,وإنزال الكتب ,وإيضاح الأحكام ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة ,ولئلا يكون للناس على الله حجة).
فعهد علي لمالك الاشترهو تجسيد فعلي لقيم الالتزام بمن يؤهل لتولي السلطة وحب الرعية وعدم التعالي عنهم ويقول له (وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم ، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل ، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ، فإنك فوقهم ، ووالي الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاك . وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم . ولا تنصبن نفسك لحرب الله فإنه لا يدي لك بنقمته ، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته)
وفي صفات المستشارين للحاكم(ولا تدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر ولا جباناً يضعفك عن الأمور، ولا حريصاً يزين لك الشره بالجور ، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله )

وصفات الوزراء ، وتفضيل استيزار الوجوه الجديدة ( إن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً ، ومن شركهم في الآثام ! فلا يكونن لك بطانة ، فإنهم أعوان الأثمة وإخوان الظلمة ، وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم ونفاذهم ، وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم ، ممن لم يعاون ظالماً على ظلمه ولا آثما على إثمه . أولئك أخف عليك مؤونة ، وأحسن لك معونة ، وأحنى عليك عطفا ، وأقل لغيرك إلفاً ، فاتخذ أولئك خاصة لخلواتك وحفلاتك )
وصفات الوزراء المفضلين(ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق لك ، وأقلهم مساعدة فيما يكون منك مما كره الله لأوليائه ، واقعاً ذلك من هواك حيث وقع ، والصقْ بأهل الورع والصدق ، ثم رُضْهُم على أن لايطروك ، ولا يَبْجَحُوك بباطل لم تفعله ، فإن كثرة الإطراء تُحدث الزهوة ، وتدني من الغِرَّة )
وفي باب محاسبة الوزراء(ولا يكون المحسن والمسئ عندك بمنزلة سواء ، فإن في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان ، وتدريباً لأهل الإساءة على الإساءة ، وألزم كلاً منهم ما ألزم نفس)
ان الأصل في العهد هو احترام الكلمة التي يتفوه بها المرء فالكلام التزام خلقي ,فعامل الخدمة الذي يعمل في دائرتي كلفته بمهمة عمل داخل الوزارة على الرغم انه صغير العمرلا يتجاوز عمره ستة عشرسنة ,وكررت عليه القول هل أكملت المهمة التي كلفت بها ؟ولمرتين رددت القول عليه ,فقال لي أستاذ ثائر: ان كلمتي واحدة وأنا أعطيتك وعداً وعهداً أن أنجز ما وعدتني به ,وفعلاً وبعد اقل من نصف ساعة أتم العمل وبشكل ممتاز ,وقال لي : الم اقل لك يا أستاذ ثائر ان كلمتي واحدة (ومصيراثنين) كان هذا درساً بالغ الأثر ان عامل الخدمة يحترم كلمته ,وهنالك صناع قرار وسياسيين تقع عليهم مسؤوليات جسيمة منهم من تحمل مسؤولية الكلمة والعهد وما خلفته من تبعات وإضرار لحقت به حتى وصل الامر لأعفاؤه من منصبه وتخلى عن الامتيازات المهم انه أوفى بعهده ,وهنالك من انكرالعهد والمواثيق التي قطعها امام الله وأمام نفسه والمجتمع والدولة التي منحته السلطة ليتحول لدكتاتور مصغر يمارس سلطة القمع والبطش مع الناس دون النظر لكراماتهم وإنسانياتهم التي سحقها بقدمه ,فأي عهداً هذا الذي يسمح بأن يساق الناس لمصيراً مجهول فدماء سائلة وأرواح تزهق, ان مبدأ العهد مرتبط ارتباط وثيق بالأمانة ,وخيانة الأمانة هي خيانة للضمير الذي يعتبر الحد الأعلى الذي يحكم أخلاقيات الإنسان ,وقول الرسول (ص) (أد الأمانة لمن ائتمنك ,ولا تخن من خانك).

فالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وقع قانون زواج المثليين المثير للجدل ليصبح نافذا،لتكون فرنسا بذلك تاسع دولة في أوروبا والرابعة عشرة على مستوى العالم التي تبيح زواج المثليين لكن المحكمة الدستورية رفضت طعنا تقدمت به المعارضة اليمينية، وهو ما مهد الطريق أمام هولاند للتوقيع على القانون.وقال هولاند “لقد اتخذت (القرار)، والآن حان الوقت لاحترام قانون الجمهورية”,ويمكن عقد أول زواج مثلي في فرنسا بعد عشرة أيام من التوقيع على مشروع القانون ,لكن وزير العلاقات البرلمانية الان فيدالي قال للتلفزيون الفرنسي إنه يتوقع إجراء أول مراسم خاصة بزواج المثليين “قبل الأول من يوليو/تموز” المقبل .
ومنذ توليه فرانسوا منصبه رئيسا للبلاد، كان تشريع زواج المثليين هو الإصلاح الاجتماعي الرئيس له وللحزب الاشتراكي الحاكم الذي ينتمي إليه ,وبعد جدل محتدم، أقر مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية (مجلس النواب) مشروع قانون زواج المثليين وحقهم في تبني الأطفال.
وتقدم حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، وهو حزب المعارضة اليميني الرئيس في فرنسا، والذي ينتمي إليه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، بطعن في مشروع القانون لأسباب دستورية
لكن المحكمة الدستورية قضت بأن زواج المثليين “لا يخالف أي مبادئ دستورية”، وأنه لا ينتهك “الحقوق الأساسية للحريات أو السيادة الوطنية”,وقالت إن مصلحة الطفل ستكون هي العامل الأهم في قضايا التبني، محذرة من أن تشريع تبني المثليين للأطفال لا يعني تلقائيا “الحق في الطفل”.
وخرج عشرات المحتجين إلى شوارع باريس للإعراب عن رفضهم لقرار المحكمة الجمعة، وكانت مظاهرات سابقة، تخللتها أعمال عنف أحيانا، ضد مشروع القانون اجتذبت مئات الآلاف
وأعرب رئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية جان فرانسوا كوبيه عن أسفه لقرار المحكمة الدستورية، لكنه أكد احترامه له. وقال هارفي ماريتو وهو عضو بارز في الاتحاد إن الحزب سيتقدم بمقترحات بديلة عام 2017 “تحترم بشكل أكبر حقوق الأطفال”,وتؤكد جماعة الضغط الرافضة لزواج المثليين والمدعومة من الكنيسة الكاثوليكية والمعارضة المحافظة إن مشروع القانون يقوض لبنة اساسية للمجتمع ,وأصبحت فرنسا الآن الدولة الرابعة عشرة على مستوى العالم التي تشرع زواج المثليين بعد نيوزيلاندا التي أقرت زواج المثليين ,وفرنسا هي تاسع دولة أوروبية تسمح بزواج المثليين بعد إقراره في هولندا ومجموعة من الدول الاسكندنافية هي السويد والدنمارك وبلجيكا والنرويج وايسلندا بالإضافة إلى البرتغال وأسبانيا اللتين يوجد فيهما نفوذ كاثوليكي قوي ,كما ان البرلمان البريطاني يدرس مشروع قانون مماثلا أيضا أثار انقسامات في أوساط حزب المحافظين الحاكم ,وانطلقت في يناير/كانون الثاني مظاهرة حاشدة

في باريس ضد مشروع القانون شارك فيها نحو 340 ألف شخص، وهي واحدة من أكبر المظاهرات في فرنسا منذ عقود. وذكر منظمو المظاهرات أن عدد المشاركين فيها قدر بـ 800 ألف .
فعندما سأل الرئيس الفرنسي عن سبب أقراره لهذا القانون قال :هنالك شريحة واسعة من المثليين قد سارعوا لصناديق الاقتراع لانتخابي وكان وعهدا ووعداً مني ان احقق رغبتهم في ممارسة حريتهم وحقهم الشخصي .
لقد وفى بوعده علي (ع) لكل الذين ائتمنوه على مقدراتهم وسلموه انفسهم ,غير مبالين بالنتائج فالدنيا عنده لا تساوي شسع نعل,فحاسب وتابع كل من كان يعمل بدولته المترامية الإطراف ولعل حادثة أبو الأسود الدؤلي عندما أقصاه الإمام علي (ع) لأن صوته على صوت خصمه تؤكد معنى العهد واحترامه.
فالرئيس الفرنسي وعد وأتم ماعليه لهذه الشريحة ,نريد من السياسيين الذين ذهبت الملايين من ابناء شعبنا وانتخبتهم وأوصتلهم لسدة الحكم عليهم ان يكونوا عند حسن الظن ملتزمين بكلمتهم التي قطعوها ,فهم لايريدون منهم سن قانون لزواج المثلي كما هو بفرنسا ,سوى قوانين تنهض بالبد من ركام حطامه ,واستقرار امني وازدهار اقتصادي وإصلاح أداري ومالي,ومكافحة ومحاربة الفساد والمفسدين ,وإصدار أوامر بالقصاص ممن قتلوا النساء والصغار وسلبوا البسمة من شفاهنا ,وان يكون هنالك خطاب سياسي موحد ,ورؤية سياسية قائمة على معرفة ودراية في أدارة ملف الدولة ,لا تلك لحلول الترقيعية التي سرعان ما تتمزق عند أول أزمة تعصف بالبلد,
انها محنة العهد في تطبيقه على ارض الواقع امام مغريات الدنيا وملذاتها من كرسي السلطة وما يجنيه المسؤول منه,وان كانت الامتيازات هي الحق الطبيعي لوهج المنصب,الا أن الوفاء لأصوات الناخبين هو أسمى وارفع من كل شيء .