22 ديسمبر، 2024 1:26 م

عهد المواجهة أم عهد الاستسلام؟!

عهد المواجهة أم عهد الاستسلام؟!

تزداد الملاحظات والاشارات السلبية من جانب الاوساط السياسية والاعلامية بخصوص عهد الرئيس الايراني الجديد ابراهيم رئيسي، ولاسيما من حيث کونه أکثر تشددا وتطرفا وميلا للإنعزال قياسا الى القادة الاخرين في النظام الايراني، وإنه معاد للغرب وللإنفتاح على العالم وحتى إن وکالة”بلومبيرغ” قد إتفقت مع وجهة النظر السائدة هذه عندما ذکرت بأن رئيسي ينظر إليه وعلى نطاق واسع باعتباره “أقل استعدادا للتسوية مع الغرب”، ولکن هل إن النظام الايراني بدفعه المتشدد رئيسي المعروف بقاضي الموت والمدرج على قائمة العقوبات الامريکية، الى الواجهة يعني بأنه سيقاطع التواصل مع العالم ويسدل الستار على التفاوض معه؟
الحقيقة التي يجب أن لاتغيب عن أحد هي إن النظام الايراني هو من بحاجة الى التواصل مع العالم والتفاوض معه وليس العکس، ولايمکن أن يغير رئيسي أو غيره من هذا الامر شيئا فهو في الاول والاخير ليس صاحب القرار الاخير، بل وحتى يمکننا القول بأن الرئيس سواءا کان روحاني أم رئيسي أو أي کان فإن ذلك لايغير شيئا من حقيقة وواقع النظام ومن مسألة تواصله مع العالم.
التصور بأن النظام الايراني ومن خلال تنصيبه لقاضي الموت رئيسي قد أعطى إشعارا للعالم من أنه سينغلق على نفسه ولن يتواصل مع العالم وسيترك طاولة المفاوضات، هو تصور خاطئ تماما، إذ أن النظام الايراني يعلم جيدا بأن عدم تواصله مع العالم ومغادرته لطاولة المفاوضات ليس سيشکل عليه خطرا وتهديدا خارجيا فقط کما هو متوقع بل وإن الخطر والتهديد الاکبر سيکون داخليا، وإن هذا النظام وطوال العقود الاربعة المنصرمة قد قام بتوظيف العامل الخارجي من أجل تخفيف ضغط العامل الداخلي وإمتصاص زخمه وضغطه، وهو لايمکن أن يجد سوى النتائج السلبية من إغلاق أبوابه بوجه العالم، ولذلك من الخطأ الکبير التصور بأن التواصل مع العالم سينتهي في عهد رئيسي.
هناك ثمة ملاحظة مهمة جدا بشأن دفع خامنئي لرئيسي الى الواجهة وتنصيبه رئيسا للنظام، وهي إن النظام ونظرا لظروفه وأوضاعه الداخلية المحتقنة التي تميل الى الانفجار في أية لحظة فإنه بحاجة ماسة الى وجه معروف بقسوته وعنفه وحتى تماديه في ذلك، وإن رئيسي الذي وصف إشتراکه في مذبحة صيف عام 1988، بإعدام أکثر من 30 ألف سجين سياسي من إنه کان دفاعا عن حقوق الانسان، فمن الواضح يجب إنتظار ماهو أسوأ منه، وبکلام مختطخر فإن رئيسي قد تم تنصيبه من أجل مواجهة العامل الداخلي وليس الخارجي، ولکن حتى العامل الداخلي فإنه من الصعب جدا إن لم نقل من المستحيل أن يتمکن رئيسي من السيطرة على العامل الداخلي کما يتمنى النظام خصوصا وإن الشعب الايراني مٶلب عليه ويمقته بشدة لعنفه وإجرامه ودمويته، وعلى الاغلب فإن الضغط الداخلي على النظام سيزداد في عهد رئيسي أکثر من أي عهد آخر کما إن النظام الايراني في وضعه الحالي قد أصبح هو الاخر أمام موقف ووضع حساس على الصعيد الدولي، ومن السذاجة القول بأنه يعد العدة للمواجهة مع المجتمع الدولي، بل وإنه وعندما يسقط بيديه ولايجد من مفر أمامه فإنه لن يجد من أي خيار سوى الاستسلام!