عاد مرة أخرى موضوع التوسط العراقي في الصراع الامريکي ـ الايراني مجددا الى الواجهة مع قيام رئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي، الى إيران، حيث تناولت العديد من وسائل الاعلام العربية والعالمية ذلك کما سلط العديد من الکتاب والمحللين السياسيين الاضواء على ذلك، وهم بذلك يتحدثون وکأن العراق”الغارق حتى أذنيه في مستنقع النفوذ النتن للنظام الايراني”، هو طرف محايد في هذا الصراع وإنه في مستوى القيام بها، ولاسيما وإن هناك البعض ممن ينفخون کثيرة في بالونات الزعم بحياد العراق، وهذا النفخ يجري حاليا طبقا لإرشادات وتوجيها من جانب النظام الايراني نفسه وذلك لأن مصلحته تطلب حاليا هکذا زعم لاوجود له في الواقع!
السٶال الذي يواجه أولئك الذين يتحدثون عن موضوع الوساطة العراقية المزعومة وعن إدعاء”الحياد”العراقي، هو: هل حقا إن حکومة عادل عبدالمهدي خرجت من العباءة النفوذ الايراني؟ هل إن هذه الحکومة محايدة فعلا؟ هذان السٶالان يبدوان ساذجين وغبيين عندما نسترجع تلك العقود الخيالية التي أبرمها عبدالمهدي مع الرئيس الايراني روحاني عند مجيئه للعراق والتي صرح روحاني بعد عودته بأنه تفاجأ بها ولم يتصور بأنه سيبرم هکذا إتفاقيات تميل کلها لصالح إيران 100%، بل وإن العديد من القادة الايرانيين ولاسيما في الحرس الثوري قد تفاخروا بذلك وبينوا کيف إن ماصرفوه على نفوذهم في العراق قد أثمر أضعافا مضاعفة، فأي رئيس حکومة وطني ومحايد هذا الذي يقوم بتقديم هکذا إمتيازات لنظام کان ولايزال أساس وسبب البلاء والمصائب في العراق خصوصا والمنطقة عموما؟
برأينا وقناعتنا فإنه لو کان هناك ثمة وساطة مزعومة بهذا الصدد، فإن دور عادل عبدالمهدي لايتجاوز دور ساعي البريد فهو ينقل مايمليه علي قادة النظام الايراني من دون أن يناقش أو يعترض على أي شئ حتى تلك التي تمس العراق وحکومته في حين إنه وعندما يکون في حضور الامريکيين فإن عقدة لسانه تنحل ويصبح”لبلبانا”کما يقول العراقيون، وهو قطعا يقوم بالدفاع عن النظام الايراني بأسلوب ضمني، هذا هو دور ومستوى وحجم عادل عبدالمهدي فيما لو قام بالوساطة المزعومة ولايمکن له أن يتجاوز ذلك إذ أن النظام الايراني لايزال سيد الموقف في العراق من خلال أذرعه المختلفة ولايمکن أن يتم تقويض هذا النفوذ مع بقاء هذه الاذرع لکن الاهم من ذلك يجب أن نعرف بأن الاوضاع والتطورات ليست أبدا في خدمة العراق بهذه الصورة وإنه سيدفع ثمنا باهضا إذا لم يتم تدارك هذه الحالة.