22 ديسمبر، 2024 8:38 م

عن فن افتنان الفتن..!

عن فن افتنان الفتن..!

من الناحية الواقعية فأن السؤال الكبير الناتج  عن خبرٍ خبيثٍ منشورٍ في جريدة الشرق الاوسط السعودية هو ليس البحث عمّن  كتب الخبر بيده او بقلمه  وليس من هو  عرّابه..؟ بل ماذا أراد أن ينتج  من وراء نشر وترويج بضعة سطور فيها ايماءات لإنهاض رأس فتنة خبيثة ذات صلة وثيقة بأزمة من ازمات وحشية احاطت بالعراق وبالشعب العراقي منذ نيسان عام 2003 ..
الخبر صغير الحجم وجد لنفسه مكاناً محاطاً بعلامات ترقيم صحافية  كبيرة بجريدة من أكبر واهم الصحف الناطقة باللغة العربية استهدفت  (رمي حجارة) يمكن أن يكون لها وقع الفتنة في بيئة جماهيرية حاشدة ،في مكان من امكنة العراق له خصوصيته، بمناسبة من المناسبات ذات خلاصة وافية بالتعبير عن تقاليد سنوية تعزف فيها قلوب الثوريين العراقيين  كل عاشوراء.
 هذه (الحجارة) ليست دسّاً سياسياً – اجتماعياً مقصوداً وليست انتقاداً صحفياً، بل هي أذىً من نوع خاص ينتمي الى فكر من افكار الفتنة الطائفية . كما أنها آلة من آلات الحرب النفسية المعادية  في ظروف حرب وطنية  شاملة يخوضها الشعب العراقي وجيشه ضد اعتى قوة ارهابية اجرامية متمثلة بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الوهابية الجذور والفصول وجميع انصارها العلنيين والمستترين من السياسيين والدبلوماسيين والمثقفين .
جريدة الشرق الاوسط ذات العمر الوظيفي – المهني الطويل والممارسة السياسية المتعددة الاشكال والاغراض لا يمكنها ان تقع بخطأ مهما كان شكله او حجمه .  هذه الجريدة، كما معروف عنها،  تمتلك خبرات العمل السياسي الجدي  وخبرات العمل الاداري الواسع ، مثلما تمتلك تقاليد كثيرة في الاخلاقية الصحفية الكثيفة المختلفة الانواع و المتلونة حسب المتطلبات والظروف المتحكمة بمصالح وسياسة  الدولة السعودية العليا.
تبلورت في عمل هذه الجريدة ، خلال عمرها الطويل، ممارسة صحفية عميقة في مداخلاتها وواسعة بمساحاتها  ، كما يعرف جميع الصحفيين العرب  ان بنيتها الفوقية تتحرك  بجانبين، اعلى واسفل:
في الجانب الاعلى توجد قيادة صحفية محنكة تتكون من رئيس تحرير وسكرتير تحرير ومدير تحرير،  مهمتهم تخطيط العمل الصحفي اليومي والاستراتيجي بأوصاف لا تتعارض مع سياسة ودبلوماسية المملكة العربية السعودية بمختلف الظروف والمناسبات.
في الجانب الاسفل من الجريدة يوجد محررون ومدراء مكاتب ومراسلون بمختلف العواصم الكبرى وبغالب البلدان العربية ، مهمتهم الاساسية تغطية الممارسة الفعلية لما هو مخطط بالأعلى .
كما يوجد بمحيط الجريدة كتّاب عرب واجانب يشكلون شبكة متميزة من القدرات الكتابية قائمة بأغلبها على الغرائز النفعية الجزئية والموضوعات الجزئية بما يملكونه من (اساليب الحداثة) في الدس والتخريب الفكري والتشويش السياسي.  بعضهم لا يتورع عن كتابة (مقالات العيش والتعايش) من دون وازع ضمير وبخضوع تام لبرامج وحالات ومراهنات مخططة من اعلى لقاء اختيار بضع دولارات مريضة.  
اعني مما قدمت بهذه السطور ان الخبر المسيء المنشور عن كربلاء المحتفلة بأربعينية الشهيد الحسين بن علي ابن ابي طالب لم يكن نتيجة فلتة قلم ، لم يكن خطأ اخبارياً، لم يكن هفواً صحفيا،  ولم يكن صنعا لا شعورياً ، بل كان عملا مدروسا خصص لتسريبه عمدا بمجال سياسي – اجتماعي – ديني خلال توقيت دقيق  لتحقيق رغبة معينة بنسق عميق وحاد وخطير من علامات الطائفية السياسية ، مقترنة بشكل غير مباشر بنوع من انواع الحرب النفسية الموجهة ضد الشعب العراقي بمجموعه،  سواء كان هذا النسق خرج او نتج عن عقل رهط من رهوط القيادة العليا لجريدة الشرق الاوسط بلندن أو كانت من فعل فرد او مجموع بمكتب الجريدة ببغداد او كان من صنع بطن صحافي من اصحاب اقلام الباحثين عن المكافاة المادية فأن المسؤول الاول والاخير هو (رئيس تحرير الجريدة) لأنه المفصل النهائي الاخير بعملية النشر وهو المسؤول الاول والاخير عن كل تلفظ مريض او عليل يصدر على صفحات جريدته.
النص المنشور بجريدة الشرق الاوسط اللندنية هو نص من تلك الاصناف المعادية تماما للشعب العراقي ، كله.  نص تهويسي، هستيري، لا اخلاقي،   هدفه الاول والاخير اثارة فتنة جديدة تريد جر الكثير من العراقيين الى أفخاخ الصراع المذهبي على وفق نموذج متهافت لكنه مقلق، مما يتطلب اولا واخيرا ان يكون الصحافيون العراقيون الوطنيون بأعلى شكل من اشكال الوعي الخفاق وان يلقنوا بوحدتهم الصلبة جميع المرضى العقليين  دروسا بالتطبيب الصحفي والسياسي القادر على تجاوز كل المواقف الطائفية المجنونة .  
كل شيء  من حق التعبير مسموح به في العراق الحر الساعي الى بناء الديمقراطية عدا الدس الطائفي وما يرافقه من وسائل فنون  اثارة الفتن الطائفية  بالالتواء على محن ومشاكل الشعب العراقي، اولها محنة (الوجود الداعشي) الوحشي، المجرم ، حيث يتسارع المجهود الحربي الوطني العراقي  للخلاص منه بتحرير ارض نينوى وجميع بقاع ما بين النهرين من ساديته العفنة،  التي دامت اكثر من عامين.
المطلوب من جميع الصحفيين العرب، من الاحرار والتقدميين، ان يقفوا في علاقة تجاور حر نبيل مع نضال الشعب العراقي وأن يشكلوا جبهة فكرية واحدة تضفي القوة على كفاح الشعب العراقي،  التواق للحرية والديمقراطية لتحقيق الخلاص النهائي من جميع اشكال الخراب الموروث من نظام ما قبل عام 2003 وما بعده .